الرواشدة يكتب : ماذا يعني: " مصلحة بلدنا فوق كل اعتبار"؟
حسين الرواشدة
صحيح، توقفت الحرب بين تل أبيب وطهران، لكن الحرب في المنطقة لم تتوقف ، وربما تلد حروباً جديدة ، الأخطر من الحروب العسكرية هو تسديد الفواتير السياسية التي تترتب عليها، لقد اصبح واضحاً ان قوة واحدة( أمريكا ) هي المسيطرة بلا منافس ؛ تحدد المصالح وتوزع الأدوار ، وكيلها الحصري (إسرائيل ) وجد فرصتة التاريخية في تنفيذ مشروعه الكبير ، وفرض هيمنته على المنطقة.
في أقل من عامين ، كسرت تل أبيب جدران المقاومة التي كانت تحاصرها ، ثم ذهبت إلى المركز الذي استخدم المقاومة في لعبة الصراع معها فحيدته تماما، الآن نحن أمام واقع جديد ، عنوانه تصفية القضية الفلسطينية، ثم إعادة ترسيم خرائط المنطقة بما يتناسب مع هذه التصفية، ردود الفعل لمعظم الأطراف ، بتقديري ، ستظل محصورة في مسار واحد : البحث عن النجاة، وإبرام الصفقات ، وتجنب الصدام، تماماً فعلت إيران حين خلعت نفسها من القضية الفلسطينية في مفاوضات وقف الحرب ، وآثرت الركوب على دفة السلامة الوطنية، حيث إيران أولا ، وأخيراً.
واقع مؤلم ،بالتأكيد ، لكنه حصاد مفهوم لعقود طويلة من الصراع على هذه المنطقة وفي داخلها أيضاً، جردة حسابات اخطائنا -كعرب - طويلة ، لا يمكن اليوم أن نهرب من الاعتراف بما فعلناه بأنفسنا، وما فعله الآخرون بنا ، أي محاولة إنكار للواقع ، أو إندفاع لمواجهته بالانفعال ، او خطأ في تقدير الحسابات ، ستعيدنا إلى الوراء ، لا يوجد لدي وصفة للمواجهة ، لكن لدي أمل ورجاء أن نخرج من هذه المرحلة بأقل ما يمكن من خسائر.
ماذا عن بلدنا واستحقاقات المرحلة القادمة ؟ ما جرى خلال الأيام الماضية فيما يتعلق بالحرب بين إيران وإسرائيل أعاد إلى ذاكرتي ما قاله الملك أثناء لقائه مع ترامب ( شباط 2025 ) " سأضع مصلحة بلدي فوق كل اعتبار "، هذه الجملة السياسية الواضحة والمكثفة هي الإجابة الوحيدة التي تصلح أن تكون عنواناً لحركة الدولة والمجتمع في الأيام القادمة ، أعرف تماما ، أمامنا فواتير سياسية مطلوب دفعها، أعرف ، أيضاً، تمكنا من إدارة الأزمات الكبيرة التي فجرتها هذه الحرب الطويلة ، وتجاوزناها بأقل الخسارات ، أعرف ، ثالثاً، أننا أقوياء ، كما قال رئيس الوزراء ، امس، في السلط ، لكن اكيد نحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك.
"مصلحة الأردن فوق كل اعتبار" تعني أن نبدأ على الفور بإنشاء شبكة "ردع وطني "، هدفها تحصين بلدنا ، اقتصادياً وسياسياً، ثقافيا وأمنياً، ثم شد الأحزمة السياسية وتفعيل الحساسات الوطنية وفتح اللواقط بين إدارات الدولة والمجتمع ، أي محاولة لاختراق جبهتنا الداخلية يجب أن توضع في باب الجريمة ، أي خطاب يستهدف إضعاف الدولة او استفزاز الأردنيين يجب أن يواجه بالحزم ، أي مسؤول ترتجف يداه ويختنق صوته عند القيام بواجبه يجب أن يحاسب ، أي إصطفاف خارج السياق الوطني ، أو عبث بوعي الأردنيين وحقوقهم ، أو استقواء على منظومة العدالة الوطنية بينهم، يجب أن يدرج على قائمة الإخلال بالشرف الوطني.

