المناصير تكتب :العنف الإلكتروني… سلاحٌ صامت يوجِع أكثر من الضرب

{title}
أخبار الأردن -

 

 

بقلم: تمارا المناصير

منذ زمنٍ بعيد ارتبط مفهوم العنف لدينا بالضرب أو الصراخ أو الإذلال المباشر وجهاً لوجه لكن اليوم بات هناك نوع جديد من العنف لا نراه بأعيننا ، لكننا نستشعره في قلوبنا…إنه العنف الإلكتروني.

هو أن يفتح أحدهم هاتفه ، فيجد تعليقاً جارحاً ، أو رسالة تهديد ، أو يكتشف أن صورته أصبحت مادةً للتنمر ، أو أن اسمه أصبح رائجًا بسبب إشاعة ، إنه ليس مجرد كلمات ؛ بل اختناقٌ لا يُرى ، ودمعة تنهمر في الخفاء دون أن يلحظها أحد.

الذي يمارس العنف الإلكتروني ليس دائماً غريباً أو مجهولاً ؛ أحياناً يكون من بيننا : صديق، زميل، أو حتى قريب أما الضحايا، فكثيراً ما يترددون في طلب المساعدة ، لأن مجتمعنا لم يعترف بعد بأن الأذى النفسي قد يكون أشدّ وقعاً من صفعةٍ على الوجه.

لماذا نسمح لأنفسنا بممارسة سلطةٍ وهمية على الآخرين من خلف الشاشات؟ لماذا نستخف بالكلمة ، مع أن كلمة واحدة قد تهدم إنساناً؟ ولماذا نتجاهل أن هناك من انكسر فعلاً بسبب تعليقٍ كان في نظر كاتبه مجرد “مزحة”؟

أنا أكتب هذا المقال ، ليس فقط لأنني رأيت حالاتٍ مؤلمة، بل لأنني صدّقت وجع أناسٍ خافوا أن يتكلمو  فتاة أغلقت جميع حساباتها ، شاب انسحب من جامعته ، وأمٌ حطّمت نفسية ابنها بعدما انتشرت عنه إشاعة في أحد المجموعات 

لسنا بحاجة إلى دراسة القانون كي ندرك أن ما يحدث خطأ  ولسنا مضطرين لانتظار القوانين كي تتدخل ، التغيير يبدأ منّا ، من كلمة نكتبها ، من منشور نختار ألّا نشاركه ، ومن تعليقٍ نقرّر تجاهله بدلاً من أن نُضيف عليه.

العنف الإلكتروني ليس دراما ولا حساسية مفرطة ، بل هو واقعٌ مؤلم ، وسلاحٌ مفتوح بيد الجميع. وإن لم نواجهه اليوم، فقد نصل إلى مرحلة نخاف فيها أن نتكلم، أن نُعبّر، وربما حتى أن نحيا بسلام.

لكن لا يزال الأمر بأيدينا بإمكاننا أن نُغيّر ، أن نُسكت الكلمة المؤذية، وأن ندافع عمّن لم يجدوا القدرة للدفاع عن أنفسهم

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية