الدباس يكتب : سيب.. وأنا أسيب..
محمود الدباس - أبو الليث
في لحظات الاشتباك الصامت.. حين يصبح الصراخ بلا صوت.. وحين يحدّق الطرفان في بعضهما.. دون أن يرمش أحدهما أولاً.. تدخل المنطقة في حالة "سيب.. وأنا أسيب".. ذلك المأزق الذي لا غالب فيه.. ولا مغلوب.. ولا مخرج منه سوى بكسر الأصابع.. أو بكسر القواعد..
ما يحدث اليوم بين إيران والكيان الصهيوني.. ليس مجرد حرب تقليدية.. ولا حتى معركة مصالح عابرة.. بل هو مثال صارخ على حالة الـ "Deadlock".. حيث تشترط أمريكا ومن خلفها أوروبا والكيان.. وقف التصعيد بمحو البرنامج النووي الإيراني تماماً.. وإيران في المقابل تقول.. لا مفاوضات تحت النار.. ولا إذلال على الطاولة..
وهكذا يستمر العض على الأصابع.. لا أحد يريد التراجع.. ولا أحد يملك التقدم.. والكل يلوّح بالحسم.. بينما يخبئ الخوف في جيبه الخلفي..
لكن اللافت.. والموجع في ذات اللحظة.. هو حديث إيران العلني.. بأن أي تدخل أمريكي.. سيشعل الفوضى في المنطقة بأكملها.. المنطقة العربية تحديداً.. والاقتصاد العربي.. وكأنها تقول لنا صراحة.. أنتم وقودنا الاحتياطي.. متى ما ضاقت علينا الخيارات.. نحرقكم لتدفأنا..
وهنا لا بد من وقفة.. العرب قالوها علناً.. نحن ضد الهجوم الإسرائيلي على إيران.. بل إن البعض مدّ اليد سراً.. أو علناً لتهدئة المشهد.. ومع ذلك.. فإن إيران تلوّح بخنق الجوار إن ضُربت.. وتستعد للتضحية بمن أعلن حياده.. لا لشيء.. إلا لأنه عربي لا يملك قوة الردع.. ولا حصانة القرار..
فهل نرتاح لإيران؟!.. مع بقائنا على عدائنا الأزلي مع الكيان.. والذي لا ولن يتغيّر.. لدرجة أن نبرر تهديداً صريحاً لحياتنا من خصمٍ آخر؟!.. وهل نكرر الخطأ ذاته.. بأن نقف تحت حافة الانفجار.. ونصلي ألا يطالنا شظاياه؟!..
الواقع يقول.. لا طرف يريد الحل.. وكل جهة تلوّح بشروط تعرف أنها مرفوضة سلفاً.. فقط لكسب الوقت.. أو لتبرير التصعيد القادم.. وكلنا.. ننتظر الثمن.. بينما لا أحد يضمن.. أن لا نكون نحن العملة المستخدمة في الدفع..
هل آن الأوان.. أن نخرج من كوننا هامشاً في معركة العناوين الكبرى؟!.. وأن ندرك.. أن مَن لا يملك حق تحديد موقعه في المشهد.. سيكون دوماً في موقع الهدف؟!..

