الدفاعات الإسرائيلية تواجه معضلة كبرى... صاروخ إيراني مُحيّر

قال الخبير العسكري محمد المغاربة إن هناك تصاعدًا في المؤشرات على تحوّلٍ دراماتيكي في البنية الهندسية للقوة الصاروخية الإيرانية، لا سيما بعد الإعلان الإسرائيلي عن تعرضها لما وصفته بـ"صاروخ ذو القرون"، الذي تبيّن لاحقًا أنه يتطابق في هيكليته ومضمونه مع ما بات يُعرف لدى الدوائر العسكرية والاستخباراتية باسم "الصاروخ الانشطاري".
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا النوع من المقذوفات يُصنّف ضمن فئة الأسلحة الانشطارية الذكية، المعتمدة على مبدأ التفجير المرحلي الذي يتحول فيه الاعتراض ذاته إلى عنصرٍ قتالي، مضيفًا أن تصميم الصاروخ يتيح له اختراق الغلاف الجوي بسرعات تفوق الصوت، وفي لحظة الاعتراض، يتشظى الغلاف المعدني الحامل ليُطلق عشرات الرؤوس الفرعية الصغيرة، والتي تهوي نحو أهدافها بقوة الجاذبية وبزوايا سقوط حادة، دون الحاجة لأي حشوة دافعة، ما يُصعّب على أنظمة الرصد والملاحقة اكتشافها أو التصدي لها.
وبيّن المغاربة أن الابتكار الإيراني الأبرز يكمن هنا، فالمعادلة التي يفرضها هذا الصاروخ تقوم على أن الضرر الاستراتيجي لا يقع عند نهاية المسار، وإنما عند لحظة الاعتراض نفسها، ما يعني أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية تواجه معضلة كبيرة فإن اعترضت الصاروخ الأم، فإنها تُطلق بنفسها حمولة الدمار الذي تحاول منعه، وإن تركته دون اعتراض، فإنها تُمهّد له الطريق لإصابة هدفه بدقة عالية، وهذه المعضلة تضع منظومة القبة الحديدية أمام عدو جديد لا يمكن احتواؤه ضمن هندسة الردع التقليدية.
وذكر أنه تم تصميم منظومة القبة الحديدية للتعامل مع صواريخ قصيرة المدى ذات مسارات ثابتة وسرعات منتظمة، إلا أن صواريخ القطار العنقودية تخرق هذه المبادئ بالكامل، فهي سريعة، غير منتظمة، ولا تُكتشف بالوسائل الحرارية المعهودة، كما أن المقذوفات الفرعية التي يحملها الصاروخ الأم تنطلق بتوجيه ذاتي زعنفي وبدون بصمة حرارية أو دفع داخلي، ما يمنحها قدرة على التسلل إلى أهدافها دون إنذار مسبق، وبذلك فإن القبة الحديدية تُصاب عمليًا بالشلل التكتيكي، وتفقد فاعليتها في سيناريو الاشتباك الجديد.
وأردف المغاربة أن نجاح التجربة الإيرانية يحمل أبعادًا تقنية من جانب، ويعكس أيضًا رسالة استراتيجية مفادها أن إيران باتت قادرة على فرض نمط قتال جديد من خلال أدواتها السيادية، دون الحاجة إلى الاعتماد على حلفائها الإقليميين، وهذا يضع تل أبيب أمام معضلة غير مسبوقة، خاصة في ظل ما بات يُعرف في بعض الأوساط الأمنية بـ"فخ الاعتراض المدمر"، الذي يُفقد إسرائيل هامش المناورة الدفاعي.
وتابع قائلًا إن هذا النوع من الصواريخ لا يمثل الذروة بل بداية سلسلة جديدة من "القطارات الصاروخية"، الأسرع والأكثر فتكًا، والتي قد تكون قد دخلت بالفعل خطوط الإنتاج التجريبي أو الاحتياطي العملياتي، ضمن استراتيجية الردع الإيرانية المتقدمة التي تجمع بين التمويه الإلكتروني والتفجير المفاجئ.
ولفت المغاربة الانتباه إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت بالغ الحساسية إقليميًا، حيث تُعيد طهران بناء توازن الردع مع إسرائيل من بوابة التفوّق الصاروخي الذكي، لا من خلال الرد المباشر الكلاسيكي، وهو ما يُحدث ارتباكًا حقيقيًا داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ويقود إلى إعادة تقييم شاملة للبنية الدفاعية من جهة، ولجدوى التفوق الجوي الإسرائيلي في ظل هذه الأنواع الجديدة من التهديدات من جهة أخرى.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أننا أمام إعادة صياغة ميدانية لنمط الاشتباك الصاروخي في المنطقة، تنذر بتحوّلات طويلة الأمد في ميزان القوى، وبمواجهة قد تُفرض فيها القواعد الجديدة على أرض الميدان، لا في غرف المفاوضات.