الطويل يكتب : خطة أمريكية وليست مسرحية
عمر الطويل
دعونا نفكك سويًا واحدة من أعقد الحلقات الجيوسياسية في زمننا الحديث: كيف تجرأت إسرائيل على قصف إيران؟ ومن المستفيد الأكبر من هذا الانفجار السياسي؟ (بعيدًا عن سهرات الأردنيين على أسطح المنازل).
ورث دونالد ترمب إرثًا خارجيًا هشًا بعد إدارة ديمقراطية جعلت أمريكا تفقد هيبتها. الحلفاء يرونها اليوم كما يرون بايدن: متردد، عاجز، وعاجز عن ضبط جنون نتنياهو.
ترمب لم يأتِ ليُساير أحدًا. وجد نفسه محشورًا بين دولة عميقة أميركية تريد ضبط المنطقة، وحكومة إسرائيلية تمشي على حافة الجنون، وإيرانيين يتقنون فن التفاوض كما يتقنون فن المناورة النووية.
الحل؟ بسيط… لكنه دموي.
أعاد ترمب فتح خط التفاوض مع إيران في سلطنة عُمان، بالتوازي مع اجتماعاته مع الخليج، ونجح في إشعال الحرب بين الهند وباكستان – فقط ليوقفها لاحقًا، في مشهد استعراضي يُظهر “القائد الوحيد القادر على نزع فتيل الأزمات.”
ثم جاءت الضربة القاضية: أطلق يد إسرائيل نحو إيران.
ظاهريًا: ضربة استباقية لتأخير تخصيب اليورانيوم وضرب صواريخ باليستية.
فعليًا: رسالة مزدوجة:
لإيران: “نحن نعلم ماذا تفعلون، ولن ننتظركم لتعلنوا النووي رسميًا”.
لإسرائيل: “هذه آخر مرة تتصرفين فيها دون إذني… وسترين الرد.”
ترمب يعلم أن ضربات جوية لن توقف النشاط النووي، لكنه يريد شيئًا آخر:
يريد إيران ضعيفة على طاولة المفاوضات، ويريد إسرائيل خاضعة للإيقاع الأمريكي.
وفي الخلفية، ترك أوروبا تبدأ أخيرًا بانتقاد إسرائيل علنًا، وفتح الباب للغرب كي يعيد ضبط بوصلته الأخلاقية — لكن من خلال أمريكا، وتحت مظلته.
والنتيجة؟
إيران أُربكت
إسرائيل كُبحت
الخليج اصطف من جديد
وترمب؟ عاد نجمًا في المشهد الدولي، وصرّح بثقة:
“سنوقف الحرب بين إيران وإسرائيل، كما فعلنا بين الهند وباكستان.”
نحن لا نعيش “مسرحية عبثية”، بل نعيش خطة أميركية مدروسة يعاد فيها رسم المشهد الإقليمي، ليجلس ترمب مجددًا على عرش السياسة الدولية بصفته “رجل المرحلة”… رجل الإطفاء بعد أن أشعل النيران بنفسه.

