تحذيرات من أزمة كهرباء وغاز في الأردن
في ظل التصعيد العسكري المتسارع بين إيران وإسرائيل، أوقفت السلطات الإسرائيلية تشغيل حقل "لفيتان" – أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في شرق المتوسط – ما أثار مخاوف في الأردن، الذي يعتمد بشكل رئيسي على هذا الحقل لتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء والطهي.
وأعلنت شركة الكهرباء الوطنية، اليوم الاثنين، تفعيل خطة الطوارئ المعتمدة مسبقًا، والتي شملت وقفًا مؤقتًا لتزويد المصانع المرتبطة بشبكة الغاز، في خطوة احترازية لتوزيع الموارد المحدودة، مشددة على أن هذا الإجراء مؤقت وسيُعاد تقييمه فور تحسّن الأوضاع الإقليمية واستئناف تدفق الغاز.
قلق رسمي وصمت إعلامي
رغم تأكيد الحكومة جهوزيتها لمواجهة أي طارئ، كشفت مصادر مطلعة لـ"الجزيرة نت" أن التوجه الرسمي في هذه المرحلة هو عدم تناول موضوع توقف الحقل في الإعلام، لتجنّب إثارة القلق العام، مع استمرار العمل داخليًا على تفعيل خطط بديلة لضمان استمرارية التزويد بالطاقة.
وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد أعلنت، يوم الجمعة، عن إغلاق مؤقت لحقلَي "لفيتان" و"كاريش"، واللذين تديرهما شركتا شيفرون الأميركية وإنرجيان البريطانية على التوالي، وذلك ضمن تداعيات الضربات المتبادلة بين الجانبين.
تحذيرات من سيناريو كارثي
الخبير في شؤون الطاقة عامر الشوبكي اعتبر أن توقف ضخ الغاز من "لفيتان" يتطلب إعلان "حالة طوارئ فنية"، نظراً للظرف الاستثنائي الذي يهدد استقرار منظومة الطاقة في البلاد.
ورغم تأكيد الشوبكي أن الشبكة الكهربائية لا تزال مستقرة على المدى القصير، إلا أنه حذّر من أن كلفة التوليد سترتفع بشكل كبير، خاصة خلال فترات الذروة الصيفية والليلية.
وأشار الشوبكي إلى أن البدائل المطروحة، كزيت الوقود الثقيل والديزل والغاز المسال، تُعد أكثر تكلفة، ما قد يُضاعف الفاتورة التشغيلية في حال طال أمد الأزمة.
في السياق ذاته، نبّه خبير الطاقة الدكتور زهير الصادق إلى أن استمرار التوقف قد يُفضي إلى انقطاع الكهرباء وغاز الطهي عن المنازل، محذّراً من "سيناريو كارثي" إذا استُنزف المخزون وفشلت البدائل.
وأضاف أن الأزمة تعيد إلى الواجهة التحذيرات السابقة بشأن اعتماد الأردن على مصدر إسرائيلي غير مستقر، داعياً إلى إعادة النظر في اتفاقيات الغاز الحالية بما يضمن أمن الطاقة الوطني.
الاعتماد على الغاز وخيارات محدودة
ووفقاً لتقرير وزارة الطاقة والثروة المعدنية لعام 2023، يُستخدم الغاز الطبيعي في توليد 61.1% من الكهرباء في الأردن، فيما تأتي 26.28% من مصادر متجددة مثل الشمس والرياح، و12.62% من زيت الوقود الثقيل. وتستهلك محطات التوليد نحو 1498 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز، بينما تبلغ القدرة المركبة للطاقة المتجددة نحو 2681 ميغاواط.
ويمتلك الأردن بعض الأدوات لتجاوز الأزمة مؤقتًا، مثل مخزونات محطات التوليد من الوقود التقليدي التي تكفي لتشغيلها لمدة تصل إلى 14 يومًا، وسفينة عائمة في العقبة تحتوي على مخزون من الغاز المسال يكفي لعشرة أيام، بالإضافة إلى الطاقة المتجددة التي تسهم في تغطية الطلب خلال النهار، ومحطة "العطارات" التي تعمل بالصخر الزيتي.
لكن استمرار توقف الإمدادات سيؤدي إلى زيادة الكلفة التشغيلية بشكل حاد، بحسب الشوبكي، مما قد ينعكس سلبًا على الموازنة العامة للدولة، أو يدفع باتجاه تعديل تعرفة الكهرباء لتغطية الفجوة المالية المحتملة.

