إلى أي حد يمكن لإيران مقاومة رضوخها أمام أمريكا؟... العتوم يجيب "أخبار الأردن"

قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية الأستاذ الدكتور نبيل العتوم إن إيران تواصل إدارة تحرك دبلوماسي مزدوج المسارات، يتمثل في خوضها جولات تفاوض متزامنة مع الترويكا الأوروبية في إسطنبول، وذلك بالتوازي مع محادثات سابقة جرت مع الجانب الأمريكي في عمان، وأخرى تمهيدية في روما.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا التعدد في قنوات الحوار يعكس في جوهره استراتيجية إيرانية تهدف إلى كسب الوقت، وقراءة نوايا الأطراف الدولية الفاعلة، دون أن تُقدِم - في هذه المرحلة على الأقل - على تقديم تنازلات جوهرية.
وبيّن العتوم أن طهران توظف الحوار مع الأوروبيين بوصفه ورقة ضغط غير مباشرة على واشنطن، وتسعى من خلاله إلى تعزيز موقعها التفاوضي دون الإضرار بتماسك موقفها الداخلي، خاصة مع تشديدها المعلن على أن ملف تخصيب اليورانيوم يُعدّ حقًا سياديًا غير قابل للتفاوض، مضيفًا أن هذا التشدد، وإنْ عزز موقف إيران التفاوضي من منظور الاستقواء، إلا أنه في المقابل، قد يُضعف مرونتها الدبلوماسية ويُضيق هامش المناورة الاستراتيجي المتاح لها.
واستطرد قائلًا إن هناك سؤالًا جوهريًا حول توقيت دخول الترويكا الأوروبية على خط الوساطة، فهل هو استجابة لانغلاق مسار مسقط؟... أم محاولة غربية منسقة لإعادة توحيد المواقف تجاه طهران؟، متابعًا أن اللافت في هذا الإطار، أن إدارة ترامب - سابقًا - دأبت على الترويج لوجود تقدم في هذه المحادثات، غير أن هذا التقدم غالبًا ما بدا أقرب إلى غايات إعلامية أو انتخابية، أكثر من كونه مؤشرًا على اختراق فعلي في عمق الملفات العالقة.
أما فيما يخص إمكانية تفعيل آلية «سناب باك» – أي العودة التلقائية للعقوبات الأممية – فإن هذا الاحتمال يشكّل مصدر قلق حقيقي لطهران، التي تدرك أن أمامها فترة زمنية محدودة، تُقدَّر بأربعة إلى خمسة أشهر، لتقديم مؤشرات حقيقية على خفض التصعيد، أو الدخول في تفاهمات مرحلية تؤدي إلى تجنب تفعيل العقوبات بشكل شامل، وفقًا لما صرّح به العتوم لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر أنه من غير المرجح، أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي شامل قبل أكتوبر القادم، إلا أن خيار الاتفاق المؤقت أو التفاهم المرحلي يبقى مطروحًا على الطاولة كوسيلة لشراء الوقت وتخفيف الضغوط المتراكمة.
ومن زاوية أخرى، لفت العتوم الانتباه إلى أنه يُمكن قراءة انخراط الأوروبيين في هذا التوقيت بوصفه مؤشرًا على تعثر فعلي في مسار محادثات مسقط، حيث لم تثمر تلك الجولات عن أي تقدم ملموس. وبالتالي، يُمكن تفسير الحراك الأوروبي – الأمريكي المشترك كمحاولة تنسيقية تهدف إلى بلورة موقف غربي موحد، وفرض مزيد من الضغط المركّب على طهران، من خلال إعادة توزيع أدوات الضغط وتوسيع دائرة الرسائل السياسية.
وأردف أن طهران تُراهن على إدارة التناقضات الدولية وتوسيع رقعة التفاوض دون أن تدخل في التزامات حاسمة، في حين تسعى العواصم الغربية إلى اختبار حدود الصبر الإيراني، وربما أيضًا دفع النظام الإيراني إلى حافة خيار واضح يتمثل بالانخراط الجاد في تسوية شاملة، أو تحمّل تبعات العودة إلى العقوبات بأوسع أشكالها.