الدباس يكتب: الوطن لا يُدافع عنه بالصمت .. ولا تُصان هيبته بالتردد

{title}
أخبار الأردن -

  محمود الدباس - ابو الليث

في كل مرة تهب عاصفة إعلامية على الأردن.. نجد أنفسنا في مواجهة ذات المشهد المتكرر.. هجمة ممنهجة.. موجة مشككة.. وملف يُسلخ على الهواء إقليميا.. دون أن نجد من يقابل السيف بسيف.. أو يضبط النغمة النشاز بردٍّ وطني موزون..

ولا نقول إن الأردن منزّه عن الأخطاء.. لكننا نرفض أن يكون نهش السيادة هوايةً لمن يحمل أجندة.. أو يردد خلف مغرضٍ باع ضميره.. فالمؤامرة حين تُصاغ بأدوات ناعمة.. تصبح أخطر من الرصاص..

الخلل ليس في الخارج وحده.. بل في الداخل أيضا.. في غياب المنصة القوية والمؤثرة والمنتشرة.. التي تتحدث باسم الوطن.. بالمنطق والعقل والحقائق.. وباللغات التي يفهمها الخارج.. قبل أن يسمعها الداخل..

للأسف.. ليس لدينا قائد لأوركسترا إعلامية تضبط الإيقاع.. فيتداخل الصمت مع التردد.. وتتصدر المشهد أصوات نشاز.. منها مَن يدّعي الوطنية.. ومنها مَن يُتقن طعن الوطن بخنجر الكلمة..

الإعلام الوطني لا يزال مقيدا.. لا بمنعٍ مباشر.. بل بقيود الخوف والروتين والتهميش.. أما الأقلام النزيهة.. فلا تجد منبرا وازنا.. بل تتسول الفضاء الرقمي بين صفحات متفرقة.. وأحيانا تغيب.. كي لا تُفهم خطأ.. أو تُحسب ظلما على جهة..

في المقابل.. هناك منصات ومحطات مشبوهة.. تُدار من خلف البحار.. تبث السم في العسل.. وتجد مَن يروّج لها داخل الوطن.. لا حبًا في الحقيقة.. بل رغبةً في هدم الصورة.. وتشويه الوعي.. وتزييف السياق..

تلك المنصات لها جمهورها للأسف.. لا لثقةٍ فيها.. بل لفراغ إعلامنا الرسمي.. والمؤسسي من الرواية المقنعة.. فالناس حين لا يجدون روايتهم عند أهلها.. يلجؤون لمن يُتقن الحكاية.. ولو كانت كذبا..

وما يجعل الصورة أكثر وجعا.. أن الأردن لا يتبنى القضية الفلسطينية كما يفعل غيره.. بل يحملها على كتفيه.. يدافع عنها في المحافل.. ويتلقى سهام المشككين.. بدلاً عن المتقاعسين.. ورغم ذلك يُشكَّك بدوره.. ويُطعن في مواقفه.. وكأن مَن حمل الحِمل.. بات متهماً أمام مَن باع القضية.. وباع الامة قبل الضمير..

ألا يحق لنا أن نسأل؟!.. أين وزارة الإعلام.. أو اي مسمى لها؟!.. أين مجلس النقابة؟!.. أين غرفة عمليات مواجهة الإشاعة والتشويه؟!.. أم أن هذه الأجهزة لا تتحرك.. إلا حين يُحرجها الشارع؟!..

نريد إعلاماً لا يخاف الحقيقة.. ولا يهادن الباطل.. نريد كُتاباً وطنيين.. تُطلق أقلامهم لا تُكبل.. تُصان لا تُهاجم.. ويُعتمد عليهم لا يُشكك فيهم..

نريد من الدولة أن تفهم.. أن المعركة الإعلامية لم تعد ترفاً.. بل ساحة حرب.. مَن لا يجهز لها.. سيتلقى الضربات.. ويقف مجرداً من روايته وسلاحه..

ونريد من القضاء موقفا واضحاً.. لا يسكت على مَن يعبث بعقول الناس.. ولا يُحاسب مَن يكتب بصدق.. فالفوضى لا تُواجَه بالصمت.. بل بالحزم والعدل..

ونُطالب بقرارٍ شجاع.. يُنظم الفضاء الإعلامي بما يخدم الوطن.. لا بما يخدم مزاج المترددين.. قرار يُطلق يد الأقلام الشريفة.. لترد على حملات التشويه.. لا لتُعاقَب لأنها التزمت الصمت خوفاً من أن يطالها قانون هنا.. او تعايماتٌ هناك..

ويشمل كذلك.. إغلاق مكاتب أي محطة.. أو وسيلة إعلامية.. مهما كان اسمها.. أو مرجعها.. إذا ثبت أنها تساهم في نشر المغالطات.. أو تضخ السم في تفاصيل ما يُقال عن الأردن.. فمَن اختار أن يكون منبراً للفتنة.. لا مكان له في أرض تحمي الوعي.. وتحتضن الحقيقة..

فالحقيقة لا تُمنع.. بل تُقال بحكمة.. والكلمة لا تُكبت.. بل تُرشد.. لتكون سلاحاً وطنياً فاعلا..

ومَن أمن العقوبة أساء الأدب.. ومَن غاب عنه الرد.. صدّق الوهم.. وتمادى في الطعن..

حمى الله الأردن.. قلعة الحق في زمن الحيرة.. وصوت العقل في بحر الضجيج..



 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير