الأسابيع القادمة حاسمة بشأن غزة

قال الباحث في مركز "تقدم للسياسات" – لندن، أمير مخول إنه في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي، واستباقًا لتحولات محتملة في بنية الاصطفاف الأمريكي حيال قضايا الشرق الأوسط، يُطرح إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن جدولة إنهاء الحرب على غزة، لا بوصفه قرارًا سياديًا محضًا، وإنما كنتاجٍ لحسابات مركبة تتقاطع فيها الأبعاد الاستراتيجية مع الضرورات السياسية الآنية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى منطقة الخليج، وإن كانت في ظاهرها ضمن سياق انتخابي أمريكي داخلي، إلا أنها، من وجهة النظر الإسرائيلية، تشكل عامل ضغط جوهري، تحديدًا في ظل إدراك تل أبيب بأن أولويات البيت الأبيض، سواء في عهد بايدن أو ضمن مؤشرات ترمبية لاحقة، لم تعد تراعي مواقف الحكومة الإسرائيلية بوصفها محددًا مركزيًا في رسم السياسات الأمريكية في الإقليم.
وبيّن مخول أن إعلان نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، يأتي – ضمن هذا السياق – كمحاولة استباقية لاحتواء مفاعيل الجولة الأمريكية وتحييد آثارها المتوقعة على مواقف العواصم الخليجية، وكذلك على الداخل الإسرائيلي المأزوم.
وذكر أن الحديث المتصاعد داخل إسرائيل عن "نهاية الحرب"، لم يعد حكرًا على التيارات الليبرالية أو معسكر المعارضة، فقد بدأ يتسلل تدريجيًا إلى عمق البنية الأيديولوجية لمعسكر اليمين، بما في ذلك حزب الليكود والتيارات الدينية المتشددة (الحريديم)، ما يدل على حدوث تحول في الإدراك الجمعي الإسرائيلي حيال استدامة الحرب كأداة سياسية قابلة للاستثمار، في ظل التآكل التدريجي لمردودها الاستراتيجي.
وأشار مخول إلى أن ما يعزز هذا التحول، هو ما بات يُلمس من تقلص في الهوامش المناوراتية المتاحة للحكومة الإسرائيلية، سواء على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي، إذ إن كلفة الإبقاء على حالة الحرب تفوق بكثير – في هذه المرحلة – أي مكاسب محتملة يمكن أن تجنيها الحكومة من الإصرار على منطق الحسم العسكري، خصوصًا مع تزايد الضغط الدولي، والإرهاق المجتمعي، والتململ داخل الائتلاف الحاكم نفسه.
ولفت الانتباه إلى أن التوقيت الدقيق للإعلان عن نية إنهاء الحرب، لا يمكن قراءته خارج إطار التوظيف السياسي الداخلي، إذ يمثل محاولة لإعادة ترسيم أجندة النقاش العام داخل إسرائيل وفق منطق المصلحة الائتلافية، وربما للتهيئة لمناخ انتخابي جديد، تُستثمر فيه "نهاية الحرب" كإنجاز موهوم يوظّف لحشد التأييد وإعادة ترتيب المشهد الداخلي.
وتساءل مخول حول ما إذا كان يعكس هذا الإعلان الإسرائيلي قناعة استراتيجية حقيقية بتحول في طبيعة الصراع أم أنه لا يعدو كونه مناورة ضمن هندسة خطاب سياسي وظيفي، يهدف إلى امتصاص الضغوط الخارجية، وإعادة التموضع داخليًا.
واستطرد قائلًا إن الإجابة تظل رهن تطورات الأسابيع القادمة، ومدى قدرة الائتلاف الإسرائيلي على المواءمة بين ضرورات البقاء السياسي، ومتطلبات الواقع العسكري، والتحولات المتسارعة في البيئة الإقليمية والدولية.