الجماعة شريك في المعادلة لا خصم فيها... والأردن أمام لحظة تاريخية

{title}
أخبار الأردن -

رأى الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي، زكي بني ارشيد، أن البلاد تشهد فصلًا جديدًا من فصول الاستهداف الممنهج، يتّسم هذه المرة بقدرٍ غير مسبوق من الشراسة والاتساع، ويتجلى عبر مستويات إعلامية، وأمنية، وسياسية متزامنة، فيما يشبه الحملة المركبة التي تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الداخلي على نحوٍ يكرّس الإقصاء ويُجهض أي ملامح لتيار إصلاحي مستقل.

وفي تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أكد أن هذه الحملة مدفوعة بهواجس متصاعدة وانفعالات متراكمة، أفرزتها تحولات إقليمية ودولية عميقة، تتصل في جوهرها بإعادة ترتيب التوازنات والخرائط السياسية في المنطقة، الأمر الذي أربك بعض مراكز القرار، وأنتج ردود فعل يغلب عليها طابع الاستنفار الدفاعي بدلًا من المبادرة الرشيدة.

وأشار بني ارشيد إلى أن انطلاق معركة "طوفان الأقصى" وما تلاها من صمود استثنائي للشعب الفلسطيني ومقاومته في مواجهة آلة الإبادة الصهيونية المدعومة بشكل سافر من الولايات المتحدة، شكّل نقطة انعطاف كاشفة في المشهد الإقليمي، حيث بدا واضحًا عجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه الاستراتيجية رغم استخدامه الأقصى لكل أدوات الفتك والترويع.

وتوقف عند التحول السوري المتمثل في انهيار بنية النظام القديم لبشار الأسد، وبدء تشكّل ملامح منظومة سياسية جديدة تستعيد تدريجيًا شرعيتها وسيادتها، مدفوعةً باعتراف دولي آخذ في التبلور، معتبرًا أن هذه التحولات، إلى جانب ما يجري في فلسطين، لم تبقَ محصورة في الجغرافيا الإقليمية، وإنما امتدّ أثرها إلى الداخل الأردني، وخلقت حالة من القلق لدى بعض الدوائر المحافظة التي ما زالت تُعلي منطق "الشد العكسي" على حساب استحقاقات التطوير والانفتاح.

ووصف بني ارشيد الحملة الحالية بأنها مفارقة مؤلمة؛ إذ تتعارض مع منطق الدولة ومع مقتضيات المصلحة الوطنية العليا، مشددًا على أن الأردن، الذي يواجه تهديدًا وجوديًا حقيقيًا يتمثل في مشاريع التهجير والضم الصهيوني، أحوج ما يكون إلى رصّ صفوفه وتوحيد جبهته الداخلية.

وجدّد تأكيده على أن الحركة الإسلامية، بما تحمله من عمق شعبي، ورمزية وطنية، وهوية مجتمعية راسخة، تظلّ حاضرة ومستعدة للانخراط في حوار وطني جاد ومسؤول، قائم على تفهّم المتغيرات وتقديم المصلحة العليا على ردود الأفعال اللحظية.

وختم بني ارشيد تصريحه بالقول إن اللحظة التاريخية التي يمر بها الأردن لا تحتمل مزيدًا من التآكل الداخلي، وأن الحكمة السياسية تفرض تثبيت البوصلة الوطنية، وتغليب منطق الحوار والاحتواء على منطق الإقصاء والاستنزاف، لأن البلد لا يملك ترف خسارة أوراقه القوية أو تشظية قواه الحيّة في وجه الأخطار الوجودية الداهمة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير