الدباس يكتب: الإخوان يخسرون في قانوني الطفل والمرأة… تشريعيًا… لكنهم يكسبون شعبيًا؟… تحليل سياسي.

الدكتور محمود عواد الدباس
١- بداية الأزمة منذ الأربعاء الماضي .
كان الخبر الأهم في مناقشة مشروع قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة في مجلس النواب في جلسة يوم الأربعاء الماضي أنه تم حذف عبارة من نص المادة الرابعة من مشروع القانون، والتي أضافتها اللجنة القانونية بالاتفاق مع لجنة شؤون المرأة بناءً على توصية خطية من دائرة قاضي القضاة وبدعم من دائرة الإفتاء، وكان نص الإضافة هو (مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية). في تلك اللحظة التي رفضت الأغلبية النيابية التعديل المضاف من اللجنة القانونية ولجنة المرأة في المجلس، وبحسب الفيديو المنشور، انسحب النائب صالح العرموطي رئيس كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي من الجلسة وتبعه بقية أعضاء الكتلة. مباشرةً أعلن رئيس المجلس انتهاء الجلسة للتقليل من أهمية هذه الخطوة الاحتجاجية.
٢-حشد الرأي العام ضد الأغلبية النيابية وتوقيع مذكرة نيابية .
خلال خمسة أيام لاحقة من يوم الأربعاء الماضي، نشط نواب الحزب في التصعيد الإعلامي، خاصةً من جانب السيدات من أعضاء الكتلة، في إدانة قرار الأغلبية في مجلس النواب. تبع ذلك عملًا بأحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، حيث تم توقيع مذكرة من نواب الحزب ومعهم آخرون من خارج الكتلة، لكنهم قلة، تطالب المجلس بإعادة فتح المادة الرابعة، أي إعادة التصويت عليها مرة أخرى من أجل إعادة تثبيت عبارة (مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية) في المادة الرابعة من مشروع القانون.
٣- الجولة الأولى من التصعيد داخل البرلمان .
في جلسة يوم أمس الاثنين، حدثت المواجهة السياسية لأسباب متراكمة، وعلى رأسها مشروع قانون اللجنة الوطنية للمرأة الذي يتضمن ثغرة العبور المطلوبة! في جلسة يوم أمس، كان نواب حزب جبهة العمل الإسلامي هم واجهة المجلس إعلاميًا، حيث برزوا في الحديث الهجومي الحاد جدًا. صدقًا، لقد كانت الجلسة لهم وحدهم. البداية جاءت من رئيس الكتلة النائب صالح العرموطي، الذي قال إنه يعلق كافة ملاحظاته على بقية مواد مشروع القانون إلى أن يعاد التصويت على المادة الرابعة من مشروع القانون. تبعه في ذات الإعلان أكثر من عضو من أعضاء الكتلة. كان الرد على العرموطي وأعضاء كتلته النيابية أن الأغلبية النيابية ترفض الموافقة على مطلبهم. وكردة فعل مباشرة منهم على ذلك، انسحب نواب الحزب من الجلسة من أجل مخاطبة الرأي العام عبر فيديو مباشر خارج قاعة مجلس النواب، قالوا: إنهم يدافعون عن الهوية الأردنية الإسلامية، مع تأكيد أنهم انسحبوا من الجلسة احتجاجًا على عدم موافقة الأغلبية في المجلس على إعادة إضافة عبارة (مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية) إلى المادة الرابعة من مشروع القانون من أجل حماية المرأة المسلمة من الاتفاقيات الدولية التي تخص المرأة.
٤- الجولة الثانية من التصعيد داخل البرلمان .
نذهب الآن إلى الجولة الثانية من التصعيد الذي قام به نواب حزب جبهة العمل الإسلامي. حدث ذلك حينما عادوا إلى الجلسة النيابية من جديد. وقتها وقعت مشادات كلامية بين اثنين من نواب كتلة جبهة العمل الإسلامي مع رئيس المجلس. كان السبب في ذلك أنه، حسب كلام العرموطي، أن رئيس المجلس بدأ بمناقشة مشروع آخر دون انتظار عودتهم. كانت حجتهم في التأخر أنهم ذهبوا إلى الصلاة، مع القول إن رئيس المجلس لا يحترم موعد الصلاة، وأنه كان يتوجب عليه تعليق الجلسة حتى العودة من الصلاة. كما أنه ليس من يحدد موعد الصلاة. على ما يبدو أن العرموطي نجح في إرباك الصفدي، وقد اتضح ذلك حينما قرأ الأخير الآية التي تنص على الصلاة. في تلك اللحظة استغل النائب الرقب تلك الثغرة فأعاد قراءة الآية ثم قال، موجهًا حديثه إلى الصفدي، إن الصلاة شعيرة دينية لا يجوز الاستهتار بها. فكان الرد الدفاعي والانفعالي من الصفدي وهو في حالة ارتباك أخرى (. لا، تزاود عليه، كل المجلس يصلي). يبدو أن الصفدي نسى أن هناك نواب مسيحيين في المجلس.
٥- الدفاع المستمر من نواب حزب جبهة العمل الإسلامي عن الهوية الدينية للشعب الاردني .
في التعليق على سلوك نواب حزب العمل الإسلامي، استنادًا إلى تجارب سابقة لنواب من الحزب في دورة سابقة، أقول إن حزب جبهة العمل الإسلامي يصنف أنه يمثل اليمين الديني. من السمات الرئيسية لهذا الاتجاه أنه يبرز في مواجهة أي تغيرات تخص الهوية الدينية للمجتمع. من هنا أتذكر اعتراضات نواب العمل الإسلامي على قانون الطفل في البرلمان السابق. وضمن نفس الاتجاه جاء الاعتراض على المادة الرابعة في قانون المرأة في مجلس النواب الحالي. بالتالي، فإن ما قام به نواب حزب جبهة العمل الإسلامي هو طبيعي جدًا في هذا الجانب، وهو متوقع منهم، فهذا هو أساس هوية الحزب من الناحية الدينية والاجتماعية. مع التذكير بأنه ومنذ بداية المجلس الحالي، فإن انتقادات جبهة العمل الإسلامي بما يخص النظام الأخلاقي العام كانت مستمرة. من ذلك كان الاحتجاج المقدم من نواب منهم على الصور الإعلانية المعلقة في العقبة ومهرجان جرش…الخ
٦- الفرق في واقع شعبية نواب حزب جبهة العمل الإسلامي في القضايا الاجتماعية مقارنة مع القضايا السياسية ؟
اذهب الآن إلى التوقف على حقيقة الفرق في واقع شعبية نواب حزب جبهة العمل الإسلامي في القضايا الاجتماعية مقارنة مع القضايا السياسية التي يتفاعلون معها داخل المجلس وحتى في الشارع العام. نقول هنا إنه في القضايا الاجتماعية، فإن حدية كلام الإخوان تكون عالية جدًا، فهم يتكلمون بالدين الإسلامي، مما يضع أي محتج عليهم في زاوية ضيقة محرجة له أمام الرأي العام، كما حدث في مجلس النواب أمس. لكن في القضايا السياسية، فإن حدية الإخوان تكون في المنتصف، والسبب أنها اجتهادات سياسية، مما يسهل على المعارضين لهم التصدي لهم بحدية، بل وفي أحيان معينة قلب الرأي العام ضدهم، كما حدث في الدعوة إلى العصيان المدني تحت عنوان نصرة غزة.
٧- شيفرة التوسع و الانكماش لدى الإخوان ؟.
ختامًا، في المجالات التي تخص الهوية الدينية للمجتمع الأردني، يتصدر الإخوان المسلمون المشهد ويؤيدهم الشارع بقوة. لكن في القضايا السياسية ذات البعد الداخلي أو الخارجي، فهم يتوسعون في بداية الطريق إلى منتصفه ثم يتقلصون تدريجيًا، مما يعني أن شيفرة تمدد الإخوان تختلف باختلاف الموضوع. لذلك، فهم يتمددون اجتماعيًا لكنهم يتقلصون سياسيًا .