الشوبكي: قانون ضريبة الأبنية يُحوّل المواطن إلى مستأجر لدى الدولة

وجّه الخبير والمحلل الاقتصادي عامر الشوبكي انتقادات حادّة إلى مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي الجديد، واصفًا إيّاه بأنه يحمل "أنـيابًا جبائية ذات تداعيات خطيرة ومدمّرة"، معتبراً أنه يُكرّس مفهوم "تحوّل المواطن إلى مستأجر لدى الدولة".
وفي منشور له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر الشوبكي عن رفضه للتوجهات الحكومية الأخيرة بشأن فرض ضرائب على الأملاك والعقارات، قائلاً: "حين يصبح المواطن وما يملك مستأجرًا لدى الدولة، فإن ذلك يشير إلى تحوّل خطير في العلاقة بين الدولة والمواطن".
وكان مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور جعفر حسّان، قد أقرّ في جلسته التي عُقدت اليوم الأحد، مشروع قانون مُعدِّل لقانون الملكية العقارية لسنة 2025، والذي يتضمن بحسب بيان رسمي "أحكاماً تهدف إلى تسهيل إزالة الشيوع بين الشركاء، وتوسيع صلاحيات دوائر الأراضي والمساحة، بما يسهم في تخفيف الوقت والجهد على المواطنين، وتنظيم سير العمل من خلال اختصار الإجراءات غير اللازمة".
جدل واسع وانتقادات من خبراء ومختصين
ورغم التبريرات الحكومية، قوبل مشروع القانون بانتقادات واسعة من قبل خبراء في الشأن الاقتصادي والقانوني، حيث اعتبره البعض قانونًا ذا "نزعة جبائية واضحة"، مؤكدين أن تطبيقه بصيغته الحالية سيُثقل كاهل المواطنين، ويفرض واقعًا يُقارب "الجباية مقابل الإقامة".
وطالب العديد من المختصين مجلس النواب بردّ مشروع القانون، داعين إلى فتح حوار وطني واسع حوله قبل السير في إجراءات إقراره، لما له من آثار اجتماعية واقتصادية على المواطنين، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها الشارع الأردني.
وشدد الخبراء على ضرورة مراعاة البُعد الاجتماعي في التشريعات المالية، ووقف أية قوانين أو أنظمة تمسّ الملكية الخاصة، أو تضع أعباءً إضافية على المواطنين، مشيرين إلى أهمية البحث عن بدائل إصلاحية أكثر عدالة وشمولية.
هكذا سيتأثر الأردنيون بالقانون الجديد
أكد النائب السابق ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار لدورتين في مجلس النواب، عمر النبر، أن مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي المقترح لعام 2025 يتعارض مع التصريحات الحكومية التي أكدت عدم وجود نية لتعديل القوانين الضريبية أو فرض أي زيادات على المواطنين.
وأشار النبر إلى أن هذا المشروع، الذي تم طرحه على لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، يتضمن زيادات ملموسة على ضريبة الأبنية والمسقفات في العديد من المناطق، تصل في بعض الحالات إلى أضعاف القيمة السابقة، على الرغم من أن القانون المعمول به حاليًا يعود لأكثر من 70 عامًا ويحتاج بالفعل إلى تحديث.
أمثلة واقعية على الزيادات:
* قطعة في أم السماق الجنوبية ارتفعت ضريبتها من 17 إلى 46 دينارا.
* قطعة أخرى في وادي السير ارتفعت من 18 إلى 82 دينارا.
* شقة سكنية في عمان ارتفعت ضريبتها من 157 إلى 290 دينارا.
* مصنع في قرية النقيرة كان يدفع 600 دينار، وسيُجبر على دفع نحو 6200 دينار بعد إقرار القانون.
وأوضح النبر أن القانون يمنح البلديات صلاحية تعديل القيمة الإدارية للعقارات دون الرجوع إلى مجلس النواب، ما يشكل مخالفة صريحة للمادة 111 من الدستور التي تنص على عدم فرض ضرائب إلا بقانون.
ولفت النبر إلى أن تقديرات القيمة الإدارية للعقارات في نحو 30% من الحالات تفوق القيمة السوقية بنسبة تتراوح بين 20-25%.
وأكد غياب حد أقصى للزيادات السنوية يُتيح للحكومة تعديل الضرائب دون رقابة برلمانية، كما حدث في حالة ضريبة المحروقات.
وأشار النبر إلى تآكل التوازن بين القوانين الضريبية المختلفة، إذ يتنافى المشروع مع الإعفاءات المحددة في قانون ضريبة الدخل.
كما انتقد النبر فرض ضريبة بنسبة 1% على قيمة العقارات الإدارية، مشيرًا إلى أن مثل هذه النسب تُطبق في دول ذات دخل مرتفع مثل كاليفورنيا، في حين أن دولًا مجاورة مثل قطر والإمارات لا تفرض مثل هذه الضرائب، وتستعيض عنها برسوم تنظيمية وإدارية فقط.
وتوقع النبر تراجع في العائد على الاستثمار العقاري بنسبة لا تقل عن 2%، وتسريع هجرة رؤوس الأموال نحو دول مجاورة أكثر استقرارًا وجاذبية، وحدوث تأثير سلبي على الطبقة المتوسطة في ظل ارتفاع التضخم وتراجع القدرة الشرائية.
كما أشار إلى أن مشروع القانون لم يراعِ خصوصية بعض القطاعات مثل السياحة والصناعة، ولم يُدرج إعفاءات سابقة كانت ممنوحة لمباني داخل أسوار القدس، ولا للمؤسسات الرياضية.
ودعا النبر إلى ضرورة تحديد نسبة الزيادة القصوى السنوية للقيمة الإدارية ضمن القانون، وتضمين معادلة احتساب الضريبة بشكل واضح ومفصل في نص القانون، وتعديل نسبة الخصم على المباني حسب موقعها وتاريخ بنائها، ورفع الخصم على المباني غير المستغلة إلى 80%، وخفض النسب الضريبية الحالية المقترحة بمقدار 40% إلى 50% على الأقل.
وختم النبر حديثه بالتأكيد على أهمية تعديل القانون بما يراعي العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي، مشددًا على أن رأس المال يتجه دائمًا نحو البيئات الأكثر أمانًا وتشجيعًا للاستثمار.






























