الجغبير يكتب: زيارة حسان لواشنطن اختبار اقتصادي و دبلوماسي
إياد الجغبير
يتوجه رئيس الوزراء د جعفر حسان الأحد الى العاصمة الأمريكية واشنطن في زيارة رسمية تُعد من أبرز المحطات في تاريخ الحكومات الأردنية الحديثة ليس فقط بسبب مستواها السياسي بل في أهمية توقيتها من ناحية سياسية واقتصادية .
تأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية من غزة والضفة الغربية وسوريا وغيرهما فضلا عن الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الأردن ما يجعل منها اختبارا مبكرا و حقيقا لقدرة د جعفر حسان في التعامل مع تحديات مركّبة محليا ودوليا.
وهذه الزيارة اعتقد بانها تعد الأولى بهذا المستوى على الصعيد الحكومي في العقد الأخير حيث اقتصرت زيارة رئيس الوزراء الأسبق عمر الرزاز إلى واشنطن عام ٢٠١٩ على لقاءات مع مؤسسات مالية ودولية دون تواصل مباشر مع الإدارة الأميركية.
ما يميّز هذه الخطوة أنها بطابع تنفيذي مدروس إذ يرافق رئيس الوزراء وفد صغير ومختص وهذا دليل على رغبة الحكومة بالتركيز على الإنجاز والنتائج لا الشكل أو البروتوكول و هذا التوجّه يتناغم مع تعهدات حسان في رده على كتاب التكليف السامي بالعمل السريع وتقليل النفقات والحرص على تنفيذ خطة التحديث الاقتصادي في إطار زمني محدد.
أما الملف الاقتصادي الحاضر بقوة في جدول اعمال الحكومة والذي سوف تتم مناقشته مع كبار المسؤولين الاقتصاديين في ادارة ترامب لا سيما في ظل تصاعد السياسات الحمائية الأميركية التي عادت إلى الواجهة مع إعلان واشنطن توسيع فرض الرسوم الجمركية على الواردات ما يشكل تهدديا للاقتصادات الصغيرة والمفتوحة كالأردن والتي تعتمد بشكل رئيسي على الصادرات كمحرّك للنمو والتشغيل.
تشير التقديرات إلى أن قطاعات الصناعات الأردنية خصوصا الملابس والمنتجات الغذائية والكيماوية ستكون الأكثر تأثرا بهذه السياسات إن لم تُتخذ خطوات حكومية عاجلة ففي عام ٢٠١٨ تكبدت الأردن خسائر تُقدّر بـ ١٢٠ مليون دولار نتيجة إجراءات جمركية مشابهة أثّرت على تنافسية المنتجات الأردنية ورفعت كلفة تصديرها إلى السوق الأميركي.
ولذلك تبرز أهمية اتفاقية التجارة الحرة الأردنية الأميركية التي تم التوقيع عليها عام 2000 والتي تمثل حتى اليوم الإطار الأوسع والأكبر الذي يمنح الصادرات الأردنية معاملة تفضيلية في السوق الأميركي وساهمت هذه الاتفاقية في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 3 مليارات دولار في بعض السنوات و ساعدت في توفير آلاف فرص العمل من خلال المناطق الصناعية المؤهلة (QIZs).
كل هذه المكاسب باتت مهددة في ضوء التوجهات الحمائية الجديدة وهو ما يجعل من زيارة د حسان فرصة هامة لإعادة تأكيد التزام الجانبين بالاتفاقية والتفاوض من أجل استثناء الأردن من أي إجراءات جمركية إضافية أو على الأقل إيجاد تسوية تحفظ المصالح المشتركة.
أما على الصعيد السياسي فمن المتوقع ان يلتقي وزير الخارجية الأمريكي "ماركو روبيو" وسوف تتصدّر القضية الفلسطينية جدول المحادثات إلى جانب ملفات أخرى مثل الملف السوري و أمن الحدود وملف اللاجئين خاصة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.
وليس من المبالغة القول إن رئيس الوزراء يعول كذلك على الرصيد السياسي الكبير الذي بناه جلالة الملك عبد الله الثاني في واشنطن خلال اليوبيل الفضي بحيث يُنظر إليه كزعيم إقليمي معتدل وموثوق في أروقة صنع القرار الأميركي.
د .حسان يرى التهديدات بوضوح ويطمح ويخطط في تحويلها إلى فرص و ان تمكن من ذلك فسيحقق ما لم تحققه أي حكومة في العالم بعد قرار التعريفات الجمركية الحديث التي فرضها ترامب .

