الأوراق المتناثرة في الشرق الأوسط

{title}
أخبار الأردن -

 

إبراهيم القعير

يُعتبر المستشرق اليهودي برنارد لويس هو أول من دعا إلى الفوضى الخلَّاقة "creative chaos" في الشرق الأوسط والعالم العربي؛ حيث رأى ضرورة الديمقراطية لمواجهة الإرهاب الإسلامي الراديكالي - كما يدّعي - الذي يهدد مصالح الولايات المتحدة، حيث إنّ كل العالم العربي تحكمه أنظمة استبدادية طاغية وفاسدة تسرق مقدرات الشعوب، وأن دعم الولايات المتحدة لتلك الأنظمة يهدف إلى حماية الكيان الصهيوني.

أكد ذلك ترامب في تصريحه الأخير: "البيت الأبيض: ترامب يدعم بالكامل ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة"، حيث زوّدهم بالأسلحة المطلوبة والمحرمة دوليًا، وضاعف وجود المقاتلات الأمريكية في الشرق الأوسط خوفًا من تحرّك الشعوب. ويحاول جاهدًا إسكات أو تحييد البعض، كما فعل مع السلطة الفلسطينية، حيث دعمهم ماليًا وزوّدهم بالأسلحة.

الشعوب أصبحت على محطات جديدة بعد 7 أكتوبر العظيم، الذي عرّى الغرب من إنسانيته وأخلاقه وفضح أهدافه السياسية، وأعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد بعد أن كان التطبيع يهدف إلى إنهائها.

وفي التقرير السنوي الذي أصدره معهد سياسة الشعب اليهودي، اعترفوا: "هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 هو أسوأ كارثة شهدها الشعب اليهودي منذ أربعينيات القرن الماضي. وتم تحديد أهداف الحرب في القضاء على حماس وإعادة الرهائن؛ لكن لم يتحقق منها شيء حتى الآن." كما حدث تدهور في صورة الجيش الإسرائيلي والمخابرات بين الحلفاء والخصوم على حد سواء، مما أعاق التحالف الإقليمي ضد إيران.

لذلك، انهارت جميع السرديات الصهيونية، وانهار إعلامهم، وانكشف نفاقهم وكذبهم، حتى وصل إلى أروقة البيت الأبيض وأغضب العديد من أعضاء الحكومة ومجلس الشيوخ الأمريكي، وأصبحوا يتحدثون بعصبية وقلق وإحباط. حتى الشعب الأمريكي بدأ بالتحرك بطرق غير مسبوقة وغير متوقعة.

بدأ صراع جديد داخل الكيان الصهيوني، كما قال نتنياهو: "لن تكون هناك حرب أهلية". ونقلت القناة 13 العبرية عن رئيس محكمة العدل العليا السابق القاضي أهارون باراك قوله: "نحن متوجهون نحو إراقة الدماء وحرب أهلية." ونتنياهو يشعر بغليان الشعب وارتفاع حدة المعارضة، وازدادت نسبة الجنود الرافضين للخدمة بسبب فشل تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الحكومة، ولا تزال الصواريخ تقصف تل أبيب وحيفا.

الرأي العام المتضامن مع فلسطين زاد من حدة التوتر بين الدول العربية والإسلامية والكيان الصهيوني المحتل.

7 أكتوبر المجيد كوّن صراعًا عالميًا جديدًا أدى إلى تحييد رؤساء دول، وسيؤدي إلى المزيد، كما سيؤدي إلى ولادة محاور جديدة بين الدول، واقتراب نهاية أمريكا بشكل واضح. وقد يكون ترامب ضحية غطرسته وظلمه وتنمره على الدول، كما أنه قد يسهم في نزع الشرعية عن الكيان الصهيوني باعتباره محور الاستعمار والاحتلال والفاشية والعنصرية والإمبريالية الصهيونية في الشرق الأوسط. انتصرت المقاومة الفلسطينية، وستبقى منتصرة رغم الآلام والحزن والحصار والتجويع والتعطيش.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير