المغرب يخلع عباءة المجاملة ويوجه أسهمه للجميع بشأن غزة

عبّر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، بعباراتٍ لا تقبل اللبس عن موقف المملكة المغربية، مؤكدًا أن المملكة تدين بأشد العبارات وبشكلٍ قاطع هذه الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين، مشددًا على أن ما يحدث يُعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وخرقًا فجًّا للاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وأشار بوريطة إلى أن الوضع في غزة بلغ مرحلةً من الخطورة والتأزم غير المسبوق، الأمر الذي يُحتّم على المجتمع الدولي، بمختلف أطرافه، اتخاذ مواقف حاسمة تتجاوز حدود البيانات والشجب نحو خطوات عملية وفاعلة لوقف هذا النزيف الإنساني المستمر، مضيفًا أن هذه الاعتداءات، التي خلّفت مئات الضحايا في الأيام القليلة الماضية، لا يمكن القبول بها بأي حالٍ من الأحوال، كما أنها لا تساهم في إرساء الاستقرار أو تعزيز أي جهودٍ حقيقية لإحلال السلام في المنطقة، بل على العكس من ذلك، تؤدي إلى مزيدٍ من التصعيد والعنف والتوتر.
وتابع الوزير مؤكدًا أن جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لطالما شدّد على أن تثبيت وقف إطلاق النار يمثل حجر الأساس الذي لا غنى عنه لأي مسارٍ مستقبلي يهدف إلى تحقيق تسويةٍ عادلة وشاملة، مشيرًا إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار ينبغي أن يُصان كالتزامٍ أخلاقي وقانوني، وليس أن يُوظّف كورقة ضغطٍ تخضع لمعادلات المصالح السياسية أو أن يتحول إلى أداةٍ للمساومة والمزايدات من قبل أي طرفٍ كان.
وفي ذات السياق، أبدى بوريطة أسفه العميق إزاء الإخفاق في الانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق نتيجة السياسات الممنهجة التي تقوم على التجويع المتعمد وقطع المساعدات الإنسانية، وهي إجراءات تُمثّل في جوهرها عقابًا جماعيًا يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مما ساهم في تعميق المأساة الإنسانية في قطاع غزة، حيث باتت الأوضاع هناك تمثل تحديًا خطيرًا أمام الضمير الإنساني والمجتمع الدولي بأسره، فضلًا عن كونها اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية المنظومة القانونية الدولية في مواجهة هذه الانتهاكات الفاضحة.
كما استحضر الوزير تأكيد جلالة الملك محمد السادس، على أن السبيل الوحيد لترسيخ سلامٍ مستدام في المنطقة يكمن في تبني رؤيةٍ واقعية وملموسة تستند إلى حلّ الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كاملة السيادة، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك المدخل الوحيد لوقف دوامة العنف المتجددة ولتفادي إعادة إنتاج الأزمات والاضطرابات التي تنفجر على فتراتٍ متقاربة.
وفي ختام مداخلته، أشار بوريطة إلى أن المشهد الراهن، وما رافقه من تصعيدٍ دموي استمر لأكثر من عامٍ ونصف، قد خلّف حصيلةً مأساوية على مختلف الأصعدة، سواء من حيث أعداد الشهداء والضحايا الأبرياء، لا سيما من الأطفال والنساء، أو من حيث الدمار الهائل الذي طال المنازل والبنية التحتية الحيوية، إضافةً إلى استمرار إسرائيل في فرض سياسة الحصار والتجويع الممنهج، وهو ما جعل الوضع الإنساني في غزة الأكثر مأساويةً في العصر الحديث.
ولفت الانتباه إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي كان قد بعث بصيصًا من الأمل، سرعان ما تم تقويضه بفعل تراجع الحكومة الإسرائيلية عن التزاماتها، وعودتها إلى نهج التصعيد العسكري الوحشي، في تحدٍّ سافرٍ لكافة الأعراف الدولية، الأمر الذي يعيد المنطقة إلى دائرة الصراع المفتوح، ويضع العالم أمام مسؤولياتٍ تاريخية في مواجهة هذه الجرائم التي تتكرر دون رادعٍ حقيقي.