غزة تحترق… أين أنتم يا عرب؟

د. إبراهيم النقرش
ما الذي تبقّى من نخوة العرب وكرامتهم وهم يرون غزة تُغرق في الدماء، وأطفالها يُسحقون تحت الأنقاض، ونساؤها يُشيّعن أبناءهن بينما أنتم تكتفون بالصمت؟ أأنتم عرب؟ لا والله، فكُفر ابن ربيعة وابن زمعة أشهم وأشرف من طُهر عروبتكم!! كيف يطيب لكم المقام في قصوركم الفارهة، بينما تُهدم بيوت الفقراء فوق رؤوسهم؟ أعربٌ أنتم؟؟ أُقسم أنتم.. لا مسلمين ولا عرب!! كيف تنامون في أمان بينما يبيت أهل غزة في ظلام الخوف والجوع والدمار؟ أأنتم عرب؟؟ أبو جهل بريء منكم، وأبو لهب كذلك.
أي عذر يمكن أن يبرر هذا الخذلان المريع؟ أليس الفلسطينيون أهلنا وإخواننا؟ أليست قضيتهم قضيتنا جميعًا؟ أين وعودكم التي ملأتم بها العالم ضجيجًا دعمًا لفلسطين؟ أين جيوشكم التي يُنفق عليها المليارات؟ أين النياشين والطيلسان؟ أين أصواتكم التي كنتم ترفعونها يومًا باسم القدس وغزة والأقصى؟ أأنتم عرب؟؟ (لا أظن أنكم)… أبو سفيان يوم كفره ورد بدرٍ بسيفه وارد الطرب.
إنّ صمتكم اليوم لا يُعدّ حيادًا، بل هو مشاركة في الجريمة. تلك البيانات الخجولة التي تصدرونها بعد كل مجزرة.. بقممكم المتردية.. وتصريحاتكم الموقوتة… ليست سوى غطاء لعجزكم، بل خذلانكم لقضية كانت يومًا عنوان شرف العرب. كيف تبررون تطبيعكم مع المحتل بينما تُراق دماء الفلسطينيين بلا رحمة؟ كيف تستقبلون قادة الاحتلال بأذرع مفتوحة بينما تتعامون عن نداءات الاستغاثة القادمة من غزة؟ عِظام صلاح الدين وقطز.. وابن عبادة قهرًا تململت في قبرها… وأنتم غير.. كروشكم…. وفروجكم ما تململت… لقد مات فيكم كل شيء.. إلا غرائزكم…
(يا عرب، إن أنتم)… إن عاركم وثأركم اليوم لن تمحوه السنين، ولن تغسله الخطابات… ليت هند بينكم لغسلته، آكلة الأكباد، سليلة أبي جهل ولهب. وإن خذلانكم لن تَغفر له الأعذار.. ولن… ولن يغفل عنكم الجبّار. أنتم لستم عاجزين فقط، بل أنتم متواطئون بالصمت والتقاعس والبلادة واللامبالاة. إنّ الله والتاريخ لن يرحم من خذل غزة وهي تحترق، ولن يغفر لمن مد يده للقاتل بينما تُزهق أرواح الأبرياء.
غزة اليوم لا تحتاج إلى كلماتكم ولا إلى اجتماعاتكم العقيمة. إنها بحاجة إلى ضربةٍ بسيف أو طعنة برمحٍ وموقف شجاع، إلى ضغط سياسي واقتصادي حقيقي يُوقف هذا العدوان الوحشي. فلسطين اليوم لا تريد منكم بيانات إدانة مكررة، بل تريد منكم أن تستعيدوا شيئًا من نخوتكم ورجولتكم المفقودة وشرفكم المهدور.
إن كان فيكم بقية من كرامة، فتحركوا قبل أن تغرق غزة في مزيد من الدماء، وقبل أن يُسجّل التاريخ أن العرب شاهدوا غزة تحترق… ولم يحركوا ساكنًا… بسكرتهم يعمهون…