الكَلِمَات الجارحة والتعافي النفسي

{title}
أخبار الأردن -

 

مُحَمَّد الطوال  
بينما كنت أتسوّق في المتجر الصغير، استرعى انتباهي مشهدٌ مؤلم: أبٌ ينهال بالشتائم والإهانات على ابنه الشاب، ذي الثالثة والعشرين ربيعاً، أمام الملأ. لم يكن مجرد توبيخ عابر، بل كان اعتداءً لفظياً قاسياً، صدى كلماته الجارحة يملأ أرجاء المكان. عندما تدخلت لتهدئة الموقف، كشف لي الأب عن معاناته، إذ اعترف أنه يمارس هذا السلوك بشكل يومي، ويُذل ابنه أمام الجميع. كان سبب تصرفه هو إحباطه الشديد بسبب فقدانه لوظيفته، مما جعله يُفرغ غضبه وإحباطه في أقرب الناس إليه.يا له من موقف مؤلم! لم أستطع أن أقف مكتوف الأيدي أمام هذا المشهد، فتدخلتُ بحذرٍ ولطفٍ، وحاولتُ أن أُهدئ من روع الأب، وأن أُخفف من وطأة الموقف على الابن. بعد حديثٍ مطولٍ، تبين لي أن الأب يعاني من ضغوط نفسيةٍ شديدةٍ بسبب فقدانه لوظيفته، وأن هذا الإحباط قد دفعه إلى هذا السلوك المؤذي
شعرتُ بالأسى الشديد على كلا الطرفين، الأب الذي يعاني من أزمةٍ نفسيةٍ والابن الذي يتحمل تبعات هذه الأزمة. أدركت أن التدخل في هذا الموقف يتطلب أكثر من مجرد تهدئة بل يتطلب تقديم الدعم والمساعدة للأب لتجاوز أزمته.
اقترحتُ على الأب أن يتوجه إلى مركزٍ مختص للحصول على الدعم النفسي، وأن يبدأ رحلة التعافي من هذه الأزمة. كما اقترحت على الابن أن يتحدث مع والده بصراحةوصدق وأن يعبر له عن مشاعره، وأن يشجعه على طلب المساعدة.
غادرت المتجر وأنا أشعر بوابل من الحزن والأمل حزن على ما رأيته، وأمل في أن يتمكن الأب والابن من تجاوز هذه المحنة، وأن يعودا إلى علاقتهما الطبيعية. لقد علمتني هذه التجربة أن الكلمات قد تكون جارحةً أكثر من أي سلاحٍ، وأن الدعم النفسي هو مفتاح التعافي من الأزمات

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير