"كم طبيبًا يجب أن يرحل قبل إصلاح هذا الواقع؟"

{title}
أخبار الأردن -

 

بقلم وعد الحلبي.... 

في زوايا المستشفيات المزدحمة حيث تختلط رائحة المعقمات بأنفاس التعب رحل طبيبان بصمت لم تُخصص لهما تقارير إخبارية ولم يُنكس العلم حدادًا عليهما لكنهما تركا خلفهما وجعًا في قلوب من عرفوهما ورسالة قاسية عن مهنة تلتهم أصحابها دون أن تترك لهم فرصة للنجاة أخصائي التخدير ذاك الذي اعتاد أن يبقي الآخرين على قيد الحياة لم يجد من يبقيه حيًا يعمل بلا توقف يناوب في غرف العمليات لساعات طويلة يراقب المؤشرات الحيوية يتحمل ضغوط الجراحين ويبقى مستيقظًا حتى يضمن أن المريض سيستيقظ أيضًا لكنه حين خذله جسده وسقط من

الإرهاق لم يكن هناك أحد ليعيده إلى الوعي وذات يوم قال نحن نتحكم في نوم المرضى لكن متى ننام نحن ولم يجبه أحد أما طبيب الأطفال فكان يحمل قلبًا أكبر من أن يحتمله صدره عاش بين المواليد الخُدّج يراقب أنفاسهم يحارب من أجل حياة لم تبدأ بعد ويبذل كل طاقته ليمنحهم فرصة العيش كان يبتسم رغم التعب لكنه لم يكن يعلم أن جسده لن يصمد طويلًا فبعد مناوبة

امتدت ليومين متتاليين جلس أخيرًا ليستريح ولم يستيقظ رحلا معًا لكن السبب واحد مهنة تستنزف أصحابها دون أن تمنحهم فرصة لاستعادة أنفاسهم ليست هذه مجرد مأساة فردية بل جريمة صامتة يرتكبها نظام صحي لا يرحم وواقع جعل من الأطباء وقودًا لا يُلتفت إليه إلا بعد أن ينطفئ يا من بقيتم لا تسمحوا أن يُنسى هؤلاء احكوا قصصهم اكتبوا أسماءهم لا تجعلوهم مجرد أرقام تُضاف إلى قائمة الإرهاق القاتل ويا من رحلتم عذرًا لم ندرك أنكم تموتون بهذه الطريقة

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير