البراري يكتب: تصريحان لموسى أبو مرزوق وليس دفاعا عنه
حسن البراري
أطلق القيادي في حركة حماس تصريحين على فترات متباعدة:
الأول قال فيه إن حماية الفلسطينيين هي مسؤولية الأمم المتحدة وليس مسؤولية حماس، وأثار هذا التصريح حينها جدلًا كبيرًا، حيث استخدمه خصوم المقاومة للنيل منها.
أما التصريح الثاني، فقد نشرته صحيفة نيويورك تايمز، ونفته حماس بوصف تضليلا لأنه خبر غير مكتمل السياق. لو صدقنا رواية حماس لانتهى الأمر، لكن بعض المراقبين لا يزالون مصرّين على أن التصريح هو كما ورد في الصحيفة.
ماذا لو بالفعل قال إنه لو علم بحجم الدمار الذي ستواجهه غزة لما أيد أحداث السابع من أكتوبر؟ في هذه الحالة، سيفتح التصريح الباب أمام قراءة نقدية متعددة المستويات. هذا التصريح، وإن كان يظهر نوعًا من “الندم المتأخر” أو “إعادة التقييم”، يكشف عن خلل جوهري في التخطيط الاستراتيجي والرؤية المستقبلية للقيادة التي تتخذ قرارات مصيرية دون إدراك كامل لتبعاتها الكارثية.
أنا شخصيًا أستبعد أن يقدم قيادي بحجم وخبرة موسى أبو مرزوق على مثل هذا التصريح، لأنه لو صح الأمر، فإنه يعكس فشلًا في التقدير السليم لعواقب العملية. وعليه، كيف يمكن لقيادة تدير صراعًا بهذه الحساسية أن تُقدم على خطوة كبرى دون دراسة كافية للتبعات السياسية والعسكرية والإنسانية؟ فلا يمكن لقيادة حماس أن تُقدم على السابع من أكتوبر دون توقع رد قاسٍ وعنيف، بالنظر إلى تاريخ الصراع وأسلوب الرد الإسرائيلي.
وربما يكون هذا التصريح مأخوذًا خارج السياق أو منسوبًا له. لكن لو كان صحيحًا، فإننا أمام إشكالية عميقة في طريقة اتخاذ القرارات داخل القيادة، التي يبدو أنها في هذه الحالة تتخذ قرارات مصيرية دون دراسة دقيقة لعواقبها.
أحد الأصدقاء أصر على صحة الخبر، معتبرًا أنه اعتراف بالخطأ، وهذا قد يظهر بُعدًا إنسانيًا. لكن في هذه الحالة، وفي سياق كهذا، فإن مثل هذا التصريح من شأنه أن يعكس ضعفًا استراتيجيًا يُحرج المقاومة، ويدفع المدنيين، الذين يدفعون الثمن الأكبر، للتساؤل عن الحكمة في استمرار هذا النهج.
نصيحة لكل المتابعين للشأن العام ألا يأخذوا أي خبر دون تدقيق وتحقق من السياق لأننا سنسمع العجب في لعبة قوامها الشيطنة والتضليل والتدليس والتلاعب بالوعي.

