الشبول يكتب: ما قبل قمة القاهرة
فيصل الشبول
هل يشكل لقاء القادة «الأخوي وغير الرسمي» في المملكة العربية السعودية يوم الجمعة الماضي منعطفاً نحو نظام عربي جديد؟
حسناً فعل القادة الثمانية (دول مجلس التعاون الست والأردن ومصر) بأن حصيلة اللقاء لم تكن سوى صورة جماعية وبملابس غير رسمية كتلك التي يرتديها القادة في المناسبات الرسمية، والقمم العربية.
لم تنشغل وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي بالتحليل والتفسير والتعليق وحشو الكلام... لم يخرج بيان يخضع للتشريح.
ليس من بديل حتى اللحظة، ولا يبدو أن ثمة بديلاً في الأفق لجامعة الدول العربية. رغم أن إصلاحها بات صعباً.
منذ الهزة الكبرى، والشرخ العميق الذي أصابها عام 1990، باستثناء بعض مجالات التعاون الفنية، لم يعد المواطن العربي يتوقع عملاً عربياً مشتركاً حتى من القمم العربية العادية والطارئة.
صحيح أن ثقة الشعوب تراجعت إلى أدنى مستوياتها في معظم الهيئات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، لكن الشعب العربي هو أكثر من خذلته جامعة دوله، لأنه يعيش في منطقة لا تستريح من العدوان والأطماع والتدخلات، والقتل والتهجير والدمار.
يعتقد كبير متطرفي الصهيونية بنيامين نتنياهو أنه كسب حرباً إلى الأبد، وأن دوام الاحتلال والقوة المفرطة والتفوق العسكري ستؤمن الاستقرار لأجيال. يزرع بذور الشر ويريد للأجيال الآتية أن تحصد السلام.
لا يريد نتنياهو وجود أي فلسطيني في فلسطين. بالأمس تجاوز هذا الحلم وتعهد بحماية الأشقاء الدروز في جبل العرب، واشترط إبقاء الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح.
نلوم نتينياهو، أم نلوم من أعطاه كل الذرائع ليشكل الشرق الأوسط الجديد على خرائطه بدعم أميركي غير محدود فاق كل آليات وحدود الدعم منذ قيام دولة الاحتلال؟
أم نلوم النفاق الأوروبي الذي دعم تدمير غزة بلا حدود. أوروبا تصحو اليوم على مخاوف جديدة لم تجربها منذ الحرب العالمية الثانية... تذهب يميناً هي الأخرى.
نعود إلى «لقاء القادة الإخوة» في الرياض.
بعد أسبوع ستعقد القمة العربية في الرياض. الأحوال العربية لا تسر صديقاً.
ليس نتنياهو وحده من تسره هذه الأحوال. دول الإقليم كذلك طامحة بدوام تدخلاتها وهيمنتها، وقوى عالمية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ترغب في دوام الحال العربي.
ماذا ستقول الدول العربية الجريحة المنكوية: سوريا ولبنان واليمن والسودان وليبيا وغيرها؟
ماذا سيقول الفلسطينيون، وماذا لدى العرب؟
الأردن ومصر في قلب معركة التهجير وقتل القضية الفلسطينية، لكن الأشقاء العرب وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ليسوا بمنأى عن الآثار الكارثية، ليس لأفكار التهجير فحسب، بل لخطط فرض حلول بالإكراه تكون للولايات المتحدة وإسرائيل وحدهما الكلمة الأولى والأخيرة فيها.
ليس في الصين، ولا روسيا أو أوروبا، فرصة لتحالفات جديدة، وليس في مصلحة الجوار أن يرى تضامناً عربياً حقيقياً، على فرض وجود فرصة لمثل هذا التضامن.
رغم كل ذلك، وكحد أدنى لموقف عربي، فإن قراراً عربياً حازماً ضد تهجير الفلسطينيين، ودعم إقامة الدولة الفلسطينية، وتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك دعم الأردن ومصر وسوريا ولبنان في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، من شأنه أن يحيي الأمل بتضامن عربي حقيقي جديد.
تنتظر الإدارة الأميركية خطة عربية بديلة في غزة، وكأن الخطة الأصلية هي التهجير.
المطلوب من قمة القاهرة ليس خطة بديلة، بل خطة أصيلة لاسترجاع القضية الفلسطينية عربياً ورفض أي توصيف لصراع فلسطيني إسرائيلي فحسب.

