المسكوت عنه بشأن أسطوانات الغاز البلاستيكية

{title}
أخبار الأردن -

 

رامي الطراونة

في الأردن، حددت مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية القاعدة الفنية رقم 2331/2023 كمعيار للأسطوانات المركبة (المعروفة محليًا بالأسطوانات البلاستيكية). هذه القاعدة تتوافق مع المواصفة الدولية ISO 11119، وتحدد المتطلبات الفنية المتعلقة بالمواد، والتصميم، والتصنيع، وطرق الفحص والاختبار لهذه الأسطوانات.

كملخص، حتى تجتاز الأسطوانة المواصفة بنجاح يجب أن لا تنفجر قبل دقيقتين من وضع الأسطوانة في لهب بحيث تكون الحرارة أسفل الأسطوانة 590 درجة مئوية، في نقطة بعيدة عن القاعدة 2.5 سم.

حرارة الغاز داخل الأسطوانة ستصل إلى 150-250 درجة مئوية فقط خلال أول 120 ثانية من الاختبار قبل لحظة الانفجار، وهي درجة حرارة السطح الداخلي عند انفجار الأسطوانة.

لنتوسع الآن بالكلام عن قوة هذه الأسطوانات وصمود هيكلها مع ارتفاع درجات الحرارة.

عندما تصل حرارة هذه الأسطوانات إلى مدى ما بين 100-150 درجة مئوية تبدأ بفقدان خصائص الأمان، إذ تبدأ بعض المواد اللاصقة والراتنجات المستخدمة في تصنيع الفايبر في فقدان قوتها.

في المقابل، الأسطوانة المعدنية لا تتأثر مطلقًا في هذه المرحلة.

وبعد تجاوز 200 درجة مئوية ينهار التماسك وندخل مرحلة تحلل الراتنجات، وهنا يبدأ الغاز بالهروب من كامل سطح الأسطوانة، أي يتسرب الغاز من كامل سطح الأسطوانة.

وطبعًا في المقابل، تستمر أسطوانة المعدن بالصمود دون أي عناء في هذه الظروف.

مع بدء هروب الغاز، يشتعل كامل جسم الأسطوانة البلاستيكية من الخارج بسبب هروب الغاز من كامل سطحها، مما يؤدي إلى رفع درجة حرارة جسم الأسطوانة بسرعة أعلى مما لو بقيت تحت تأثير حرارة الحريق العادي.

عند حرارة ما بين 250 إلى 300 درجة مئوية ينهار كامل هيكل الأسطوانة البلاستيكية، ويحدث الانفجار ولكن بشكل أضعف من انفجار أسطوانة الحديد بسبب تسريب جزء من الغاز من خلال سطح الأسطوانة البلاستيكية، وبالتالي لن يوجد ضغط عالٍ داخلها.

أسطوانة الحديد لن تساعد في إشعال النار كما تفعل أسطوانة البلاستيك، لأنها لن تقوم بتهريب الغاز.

بجميع الأحوال، أسطوانة الحديد ستصمد بشكل جيد جدًا عند حرارة 300 بل وحتى عند 400 مئوية.

بعد حرارة 500 مئوية، أسطوانة البلاستيك ستكون قد أصبحت بقعة سوداء في الأرض.

أما أسطوانة الحديد، فستبدأ بالشعور بالضغط مع ارتفاع حرارة الغاز داخلها، لكنها ستتمدد بدورها بسبب الحرارة، وبكل سهولة ستبقى الأسطوانة الحديدية صامدة.

وبعد الوصول إلى 600 مئوية، ستبقى الأسطوانة الحديدية صامدة.

ومن ثم عند الوصول إلى حرارة 700 مئوية، ستبقى الأسطوانة المعدنية صامدة.

مع الوصول إلى درجة حرارة 800 مئوية، سنلاحظ ارتفاع الضغط بشكل خطير، لكن الأسطوانة ستصمد.

مع الوصول إلى حرارة ما بين 900 إلى 1100 سنكون عند احتمال مرتفع لانفجار الأسطوانة الحديدية بسبب فقدان الفولاذ الكربوني 50% من خصائصه وقوته، وسيكون الانفجار قويًا ومدمرًا بسبب الضغط المرتفع جدًا في جسم الأسطوانة عند هذه الحرارة المرتفعة جدًا.

طبعًا في هذه الظروف الصعبة جدًا والحرارة المرتفعة، أسطوانة البلاستيك ستكون أصلًا بقعة فحم سوداء في أرض الغرفة.

أسطوانة الحديد ستعطي فرصة أفضل للدفاع المدني ووقتًا أكثر للتصرف وإطفاء الحريق قبل انفجارها. ومخاطر وصول الحرارة إلى درجات الحرارة المرتفعة اللازمة لانفجارها في المنازل الأردنية صعبة جدًا بسبب مواد البناء. ربما تكون الأمور أسوأ في المطاعم والفنادق بسبب الديكورات التي تحترق بحرارة عالية، وعليه احتمال انفجار أسطوانة الغاز المعدنية هناك أعلى. ولكن في المنازل الأردنية الاعتيادية ستنطفئ النيران قبل الوصول إلى تلك الحرارة المرتفعة.

منازلنا ليست مبنية من الخشب كما هو الحال في منازل الدول الأخرى، ومطابخ الأردنيين لا تحتوي على كميات خشب كثيرة، بل بضعة ألواح موزعة على كامل مساحة المطبخ. ودرجة حرارة احتراقها بالكاد ستصل إلى 600 درجة مئوية، وبعد مدة ليست بالقصيرة؛ فالخشب سيبدأ بالاشتعال الذاتي عند درجة 250 مئوية تقريبًا، وسيتفحم مع وصوله إلى قرابة 350 إلى 400، ومع تبخر كامل السوائل منه ستبدأ الحرارة بالارتفاع وستنفجر أسطوانات البلاستيك عندها، بينما ستصمد أسطوانات الحديد. وطبعا إذا لم يكن هناك تيار هواء قوي لتغذية النار بالأكسجين بشكل سريع، وإذا لم يوجد كمية خشب كافية للصمود ونمو حجم الحريق حتى نصل إلى نقطة رفع الحرارة إلى ما فوق الألف مئوية، فلن نواجه أي مشكلة، طالما الأسطوانات المعدنية سليمة ومطابقة للمواصفات.

على أرض الواقع، سبق وأن حدث أكثر من انفجار لأسطوانات الغاز في منازل مختلفة في الأردن سابقًا. فكيف يمكن تبرير ذلك؟

ببساطة، أسلوب مناولة ونقل هذه الأسطوانات عبر مدد زمنية طويلة يؤثر على جودتها ومقاومتها. الانبعاجات الناتجة في جسم الأسطوانة والضربات عند نقاط اللحام أو نقاط تركيب الصمامات تلغي كامل عوامل الأمان في تلك الأسطوانات.

للأسف، عمال المناولة سواء في المحال أو على سيارات توزيع الغاز يتعاملون مع الأسطوانة بعنف شديد، وهذا ليس بذنبهم. فلا المحال والمخازن ولا سيارات نقل الأسطوانات مزودة بأجهزة وأنظمة لتحميل وتنزيل الأسطوانات. وعليه يتم الاعتماد على قوة العامل العضلية، فنرى بشكل تلقائي مشاهد إلقاء الأسطوانات ورميها أو التعامل غير المبالي معها بسبب عدم قدرة العامل على التعامل الطويل مع هذه الأثقال.

هل الأسطوانات الجديدة أقدر على تحمل هكذا مناولة؟!.. لننتظر ونرى كيف سيتعامل معها عمال المناولة والنقل.

المهم، المحصلة: أسطوانة البلاستيك ستنفجر أسرع بالتأكيد، ولكن لو انفجرت لن تدمر الدنيا. طبعا سيصاب من معها في نفس الغرفة بإصابات بالغة، أما أسطوانة المعدن فستناضل طويلًا وبقوة قبل أن تنفجر، ولكنها لن ترحم أحدًا في المنزل عند انفجارها إذا كانت ممتلئة.

بجميع الأحوال، ليس متوقعًا من الأردن فرض مواصفات فنية أعلى من مواصفات الأيزو المعتمدة دوليًا، فالأمر ببساطة ليس عمليًا. ولكن المتوقع عندما يدخل منتج جديد منازلنا لنتعامل معه بشكل يومي ومباشر هو إعطاء كامل الحقائق عما يمكن توقعه، وليس الاكتفاء بذكر المحاسن فقط دون المخاطر. فالكلام عن الوزن الخفيف والشفافية أمر جذاب، ولكنه ليس كافيًا، وبعدها يترك الخيار للمواطن ليختار ما يرغب في وضعه في منزله حسب ظروف التخزين لديه.

حمى الله الأردن والأردنيين.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير