جرار يكتب: شوكتا الأردن

{title}
أخبار الأردن -

   بشار جرار

 

برز مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض شعار رائج في الثقافة الأمريكية هو «فورك إن ذا روود». يطرح عادة عندما يواجه الناس ما قد يكون أكثر صعوبة من «الحيط» أو نهاية طريق أو الطريق المسدود لأي سبب كان، ألا وهو مفترق طرق على شكل شوكة ذات شعبتين لا ذلك المفترق الذي نسميه باللهجة الأردنية «مُصلّب» حيث يكون من المتاح السير إلى الأمام أو التراجع أو الاتجاه يمينا أم يسارا، شرقا أم غربا.

عندما يواجه قائد المركبة أو السفينة خيار الشوكة أمامه خياران فقط قد يعني أحدهما الخلاص وقد لا تتحقق في الآخر النجاة. في إطار التغطية الإعلامية الأمريكية لكثير من سياسات وقرارات وأوامر ترامب التنفيذية في أقل من ثلاثة أسابيع وقّع فيها على ما لا يقل عن ثلاثمئة قرار وإجراء ومذكرة تنفيذية بلغ الأمر حد التساؤل عن طريق ثالث غير الذي حسمه حتى الآن نحو خمسة وستين ألفا من الموظفين الفدراليين الذين خيرهم ترامب عبر «دووج» التي يرأسها إيلون ماسك بقبول الاستقالة وقبول حزمة تعويض بدلا من المجازفة في إنهاء الخدمات أو ما هو أكثر خطورة من النواحي الإدارية والمالية وربما القضائية.

طروحات ترامب فيما يخص السياسة الخارجية كانت أكثر حدة من كندا والمكسيك، إلى غرينلاند وبنما وأخيرا القنبلة الصوتية التي مر عليها حتى ساعة إعداد هذه المقالة أسبوع واحد. وتلك «الشوكة في الطريق» لا «معالم» لها سوى خيارات ثلاث: إما الاختيار بين الحسن والسيئ، وإما الاختيار بين الأقل سوءا وإما الأكثر حسنا وهذا من الواضح أنه غير وارد. حقيقة الأمر وفي ظل حركة ترامب «ماغا» وأجندة «أمريكا أولا» هو اختيار صاحب القرار -الطرف الآخر- ما هو قادر على وضع الأمور في نصابها الصحيح من حيث الجوهر والشكل أيضا، وهو ما تميز به موقف جلالة الملك عبدالله الثاني الحكيم الحصيف المقدام المهيوب في جعل لقاء القمة في الحادي عشر من فبراير 2025 يوما عظيما من أيام الأردن لمس فيه كل منصف طرح الأردن أولا بالاستناد إلى موقف جماهيري مؤسسي -داخل المملكة وخارجها- داعم للاءات العبدلية وفي مقدمتها الأردنية الصرفة المتعلقة بأن لا توطين ولا وطن بديلاً أبدا تماما كما أعلنها قبل وبعد كارثة السابع من اكتوبر 2023.

ويبدو أن الحسم والحزم الذي تحلى به سيدنا بأعلى درجات الحكمة والحنكة قد كان كما الشوكة في حلق ناعقين وعين جاحدين معروفين لدى الجميع. حتى وسائل إعلام غير عربية تحديدا أمريكية وإسرائيلية، لم تخف أسفها على أخطاء أو غلطات تثير تساؤلات مشروعة عن نوايا مرتكبيها.

يعرف المترجمون خاصة من محترفي الترجمة الفورية وعلى نحو خاص أولئك الذي يتم ائتمانهم على الترجمة الحية الفورية في التغطيات الخاصة أو الطارئة أن النبرة وليس فقط انتقاء الكلمة تخضع للمحاسبة.

عندما يتم تحريف الترجمة في أهم ما قاله سيدنا ومن بعده يغيب أو يتأخر الاعتذار «المهني غير المقصود» وتضيفه إلى اعتذار خطي -عبر منصة اكس فيما يخص عدد الأطفال الغزيين الذين سيتم علاجهم في الأردن من مرضى السرطان والحالات الخطرة- لأحد أهم مذيعات التغطية المباشرة في قناة أمريكية هي الأولى في عدد المشاهدة والأقرب إلى ترامب والجمهوريين والمحافظين، فإن من حق البعض التساؤل عن شوكة من نوع آخر! لا أعني بذلك فوكس نيوز بقدر ما أعني الذباب الإلكتروني وبيانات وتصريحات قوى سياسية تغيب عن الأردن، عن كل إنجاز للملك والوطن والشعب، فإنه من الواضح أن هذا الحمى الهاشمي العربي الأردني المفدى «في حجم بعض الورد إلا أنه لك (له) شوكة ردت إلى الشرق الصبا»..

سبق رحلة سيدنا إلى واشنطن دعم جماهيري من المأمول أن يعبر عن نفسه في اقتلاع أشواك في طريق المسيرة الوطنية. وأردن الحسم عاقد العزم على أن يحزم أمره بعون الله على اتخاذ حزمة من الإجراءات التي إن جاز لي من على هذا المنبر الكريم القول بإنه قد طال انتظارها وإن كانت في خانة المحبة والأناة. ثمة أشواك غدر لا بد من اقتلاعها وهي باختصار كل من لا يتطابق فيه القول مع الفعل أو الباطن مع الظاهر. الشوكة الفارقة الآن الخيار فيها جليّ لا يحتمل أي مواقف ضبابية أو رمادية. وارد في عالم اليوم ازداوجية الجنسية، كما كان واردا تعدد الأعراق أو الأصول والمنابت، لكن من غير المقبول أبدا لا الآن ولا في المستقبل أن يتعدد الولاء أو الانتماء. ولعل تشريعات أو إجراءات خاصة بالجنسية والهوية وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، قادرة على التعرف على هذه الشوكة التي في الطريق..


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية