القيسي يكتب: مصالح بلادي
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
مهما كانت مصالح الأردن العليا، فلن يكون من بينها ان نفقد الأردن، فوق فقدان فلسطين، أذكر هذه الحقيقة كمحاولة لإعادة بعضنا إلى جادة الصواب والمنطق، حين يعلقون على لقاء الثلاثاء أمس الأول، الذي جمع جلالة الملك عبدالله الثاني، برئيس الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يبتدىء ولايته الثانية وهو عالق في قبضة تعهداته الانتخابية للصهيونية العالمية.
العلاقات الأردنية- الأمريكية، بل التعاون بينهما، ليس جديدا، وثمة تاريخ طويل من العلاقات السياسية المتوازنة بين البلدين، ولن تبدأ أو تنتهي بقدوم أو مغادرة رئيس أمريكي للبيت الأبيض، وهذه واحدة من ركائز السياسة الأردنية، والسياسة الأمريكية في المنطقة، فالأردن حليف استراتيجي لأمريكا، وهذا ليس سرا نذيعه، بل حقيقة يعرفها الجميع، ولا مجال لمواراتها عن أية قضية تثار بشكل طبيعي، او لغرض مقصود، وبالتالي فإن لقاء الملك مع الرئيس ترمب، استحقاق، يأتي على خلفية قضايا كثيرة، أهمها القضية الفلسطينية ونوايا الرئيس الأمريكي.
تسرّع كثيرون بالتعليق والتحليل على المؤتمر الصحفي الذي جمع بين جلالة الملك وترمب، وانطلقت تعليقات وتحليلات و»ترجمات» في غير مكانها، واعتبرت قضية تهجير شعب من أرضه مجرد «اتفاقية» سرّية في غرفة مغلقة، بينما هي عملية لا نقول بأنها تمّت إلا بعد تنفيذها، ومشاهدة «ناس فلسطينيين»، تعدادهم بعشرات ومئات وملايين، ينتقلون، ويسكنون في اماكن جديدة، ولا يمكن الحكم عليها بانها تمت بمجرد التحليق في تحليلات سياسية وتأويلات لكلام سياسي ديبلوماسي له ظروفه، ويحاول الرئيس الأمريكي أن يستخدمه، بمساعدة حلفائه، ليقنع الشعب الأمريكي والعالم، بأن اقتراحه لشراء وطن اقتراح سليم ويحظى بموافقة الأردن ومصر والعرب، والفلسطينيين.
فكل اللقاء من جهة ترمب موجّه لهذا الغرض، وجلالة الملك وكل السياسيين في العالم يعرفون هذه الحقيقة، ولا مبرر ان يجري اعتماد وجهة نظر ترمب وتعميمها بهذه الطريقة، فنحن بذلك نساعد رئيسا تورط بتصريحات ونوايا، لم تنجح الصهيونية، وعلى الرغم من استخدامها كل السّبل، بفرضها على الفلسطينيين والشعوب العربية على امتداد أكثر من 70 عاما، ولن يؤثر لا لقاء ولا تصريح ولا حتى اتفاق، او يغير شيئا من الواقع.
حين يلتف الأردنيون حول الملك، والمصريون حول رئيسهم، فهم إنما يفعلون هذا رفضا لاستقبال أي مهاجر ، ورفضا لتصفية القضية الفلسطينية على حسابهم أو أي حساب آخر.
لاءات الملك، هي لاءات الأردنيين، وهي أيضا لاءات الفلسطينيين الذين استشهدوا بالملايين من أجل وطنهم فلسطين، ولن يقبل التاريخ ولا الحاضر او المستقبل، بتغيير وتشويه الحقيقة، ففلسطين وطن لشعب، ضحى بكل حياته، وما زال لاستقلاله وتحريره من العصابة الصهيونية، والأردن قلعة لأبنائها، ومستعدون لتقديم التضحيات كلها للدفاع عنها، ولن يرضخوا او يقبلوا بيع وطنهم لترضية، او إيواء شعب تمت السيطرة على وطنه وقتله وتشريده.
نحن مع الملك، ونعرف مصالح بلدنا، ومستعدون لتحمل كل الظروف لبقائه قيد الوجود، حرا مستقلا مستقرا.

