خزوز تكتب: بصراحة وبكل وضوح

{title}
أخبار الأردن -

  تمارا خزوز

تحدثنا كثيرًا عن “تمتين وتحصين الجبهة الداخلية” و “الالتفات إلى الداخل” وتغيير الأدوات" لمواجهة التحديات التي فرضتها علينا المتغيرات الإقليمية وتبعات الحرب على غزة. كما تحدثنا عن ضرورة إسناد موقف جلالة الملك ووزارة الخارجية الأردنية، خاصة بعد زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والتي شكلت منعطفًا حادًا في تاريخ الدولة الأردنية. لكننا لم نخض أبدًا في كيفية تحقيق هذا الإسناد، وما الذي يجب أن نفعل أو نتجنب فعله من أجل ذلك.

لا تزال العقلية في إدارة الأزمة تعتمد على مقاربات كانت صالحة لثمانينيات القرن الماضي، لكنها لم تعد مناسبة اليوم، وأكبر دليل على ذلك المبادرة التي أُطلقت بالأمس لاستقبال جلالة الملك في ماركا، والتي لم تكن محسوبة بدقة في تقديري لعدة أسباب؛ فالأردن لم تعد قرية صغيرة، بل دولة مضى على تأسيسها مئة عام، وما كان يصلح قديمًا لا يصلح اليوم، فاليوم يوم عمل رسمي ونهاية الاسبوع، لم يُعلن فيه عن عطلة مسبقًا، والطقس ماطر مما سيصعب وصول الناس بأعداد كبيرة لمطار ماركا؟ فهل يليق أن تُطلق هذه الدعوات دون أن نضمن تواجد الناس بأعداد مناسبة؟ وهل جرى حقا تقدير ما قد يعنيه ذلك من رسائل للعالم .

من قال إن إسناد وتأييد جلالة الملك يقتصر على التواجد في مطار ماركا؟ هناك مئات الآلاف من الأطباء، والمعلمين، والموظفين، وكبار السن، والمرضى الذين يساندون الملك وموقفه حتى النخاع، لكن طبيعة عملهم أو ظروفهم تمنعهم من الوصول لماركا. ثم لماذا هذا الإرباك؟ ولماذا الضغط على الحكومة في آخر لحظة لإعلان عطلة رسمية؟ وهناك جدول أعمال واجتماعات ومواعيد رسمية على مستوى القطاع العام والخاص.

أكاد أجزم أن جلالة الملك نفسه سيتمنى أن يبقى كل شخص على رأس عمله وينجز مهامه بدلًا من تعطيل المؤسسات، وقد أرسل مثل هذه الرسالة سابقا عندما الغى العطلة الرسمية للاحتفال بعيد ميلاده.

ما تحتاجه الأردن الآن من مجلس الأعيان والنواب، وأصحاب الدولة والمعالي والسعادة، وكل من شغل مناصب عليا سابقًا، هو أن يشمّروا عن سواعدهم ويشكلوا خلية أزمة دائمة الانعقاد، يستفيدون فيها من ثقلهم الاجتماعي والسياسي وشبكة علاقاتهم لدعم الدولة. نحن بحاجة لوضع خطط عملية لجمع التبرعات، وتفعيل صناديق التكافل والطوارئ حتى على المستوى العائلي، والتشبيك مع رأس المال الوطني بالتنسيق مع الوزارات المعنية لاتخاذ إجراءات اقتصادية جراحية تضمن مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية المتفاقمة. ويستطيع جميع هؤلاء التواصل مع الخارج والسفارات والأصدقاء القدامى والجدد، واستخدام كل سبل المدافعة وكسب التأييد لدعم موقف الأردن الرسمي والشعبي الرافض لتصفية الق*ض*ية و التصدي لمخططات التطهير العرقي.

هناك الكثيرون ممن يدينون لهذه الدولة، ليس بالشعارات فقط، بل بأفعال حقيقية، خاصة أولئك الذين استفادوا منها ماليًا أو أكاديميًا أو وظيفيًا أو حتى صحيًا. وسواء توقفت المساعدات أم لم تتوقف، هناك درس ينبغي أن نتعلمه، وهناك آلاف المتضررين الذين فقدوا وظائفهم ويحتاجون إلى كل لحظة عمل من مجلس الأعيان والنواب لإيجاد حلول جذرية على مستوى السياسات العامة.

المشهد المحلي الرسمي بائس، ولا يليق أبدًا، ولا يرتقي لمستوى التحديات.

 

 


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية