ارجوب يكتب: التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي: ثورة تكنولوجية تعيد تشكيل المستقبل

{title}
أخبار الأردن -

   م.احمد زهير ارجوب

في عالم تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي، يبرز الذكاء الاصطناعي كرائد التغيير الذي يعيد تعريف الصناعات والمهن، ولعل أبرزها التعليم. تلك الثورة التكنولوجية الهائلة لم تعد مجرد جزء من المستقبل بل أصبحت حاضرًا ملموسًا يؤثر بعمق في كيفية تلقينا وتقديمنا للمعرفة.

تخيلوا عالمًا حيث يمكن للطلاب الانغماس التام في تجربة قطاف الزيتون في سهول إربد الخصبة، الوقوف على قمم جبال الشراة الشامخة، المشاركة مع الرومان في بناء المدرج الروماني، أو حتى إجراء تفاعلات كيميائية معقدة، تركيب دوائر كهربائية حساسة، وبناء نماذج معمارية باهظة التكلفة. كل هذه التجارب ممكنة دون الحاجة لمغادرة الفصل الدراسي ودون أي مخاطر. الواقع الافتراضي، أحد أبرز إنجازات الذكاء الاصطناعي، يحول هذه الأحلام إلى واقع يمكن للطلاب تلمسه وتجربته بأنفسهم. من خلال نظارات الواقع الافتراضي، لا يقتصر الأمر على استكشاف أعماق الكون أو التجول في أروقة التاريخ فحسب، بل يمتد لإجراء التجارب العلمية المعقدة والتفاعل معها بأمان تام. هذه التقنية لا تعزز من جودة التعليم فقط، بل تحول التعليم إلى تجربة شيقة ومفعمة بالمتعة والفائدة، مما يمثل نقلة نوعية في طرق التدريس التقليدية ويفتح آفاقًا جديدة للابتكار التعليمي.

في عصرنا الجديد، المليء بالتحديات التقنية والتكنولوجية، يصبح من الضروري أن نعيد تقييم طرق تعليمنا للمهارات المهنية. التعليم المهني ينبغي ألا يحصر نفسه في إطار تعلم الحرف التقليدية فقط، بل يجب أن يتسع ليشمل التدريب المكثف على استخدام وصيانة التقنيات المتقدمة. الطلاب الذين يتقنون هذه المهارات العصرية سيجدون أنفسهم في صدارة الطلب في السوق العمل العالمي، مما يمكنهم من تقديم حلول مبتكرة للتحديات المستقبلية والمتطلبات التقنية الجديدة.

في سياق التعليم الجامعي وبالأخص في مجال التعليم التقني، برزت الحاجة الملحة لتخريج أفراد مجهزين بمهارات فائقة في التعامل مع التقنيات المتقدمة. هذا التطور دفع المؤسسات التعليمية لابتكار برامج تعليمية متخصصة تواكب آخر مستجدات العصر التكنولوجي، وتسهم في إعداد فنيين متخصصين قادرين على إبداع حلول تقنية مبتكرة. كلية السلط التقنية في جامعة البلقاء التطبيقية تعتبر من اوائل الكليات التقنية على مستوى محلي واقليمي، استحدثت تخصص الذكاء الاصطناعي ضمن برامجها التعليمية المتقدمة. هذه البرامج لا تقتصر على تعليم الطلاب أسس برمجة وتصميم الأنظمة الذكية فحسب، بل ترسي أسساً متينة لتأهيلهم كقادة المستقبل في هذا المجال الحيوي والمتطور بسرعة.

في خضم هذه التحولات الجذرية، يتوجب علينا كمعلمين ومعلمات، مصممي مناهج، وصانعي سياسات، أن نضع الذكاء الاصطناعي في صميم استراتيجياتنا التعليمية. نحن أمام فرصة ذهبية لإعادة تشكيل التعليم ليصبح أكثر تفاعلية، تخصصية، ومواءمة لاحتياجات المستقبل لنفتح أمام أجيالنا القادمة آفاقاً واسعة من الفرص التي ستمكنهم من بناء مستقبل أفضل.


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية