العواملة يكتب: منظومة قيادات الصف الأمامي
المحامي معن عبد اللطيف العواملة
يتجلى بالممارسة اليومية، وبالتعاطي مع المجال العام، وفي الميدان، يوما بعد يوم، ان تحدي الادارة الحكومية لا يكمن فقط في مناصب القيادات العليا او حتى الوسطى، بل يمتد ايضا الى المواقع الامامية والصفوف الاولى. حيث يتخذ هولاء القادة في المواقع الامامية قرارات، او يفسرون قرارات، بشكل لا يخدم المصالح العليا لا بل يقضم من رصيد الحكومة في الميدان وبشكل فعلي ومحسوس.
ان افتقادنا الى منظومة واضحة ومحددة لفرز القيادات المدنية والامنية وتعيينها في المواقع ذات التماس المباشر مع الناس ومصالحهم اليومية على ارض الواقع يعرض ثقة الناس في الحكومة الى الزعزعة. فالقائد الميداني يمثل السلطة. فحكمه على الامور هو الحكم الاول والحاسم والنهائي. نظريا، يمكن للمتضرر متابعة الامر من خلال قنوات رسمية اخرى، ولكن يندر حدوث ذلك واقعيا ولاسباب موضوعية كثيرة. وهنا تتراكم الاخطاء وتصبح نهجا، وتتحمل الدولة وزر هذه الاخطاء عبر الاخلال بمصداقية الحكومات المتعاقبة التي لم تولِ قادة الخط الاول الاهتمام، والذين هم سفراؤها عند الناس وخاصة في المناطق البعيدة عن مراكز التخطيط وصنع السياسات العامة.
يتندر المسؤولون عادة بان الشعب الاردني مصاب الى حد الهوس بمتابعة التعيينات الحكومية وباهتمام الناس بتفاصيل التعيينات وعلى جميع المستويات. سبب ذلك ليس المبالغة في متابعة التفاصيل بل لعلم المواطن الاردني في وعيه الجمعي ان الترهل الاداري، وحتى الفساد المالي، ليس سببه مؤسسات او حتى مجموعة كبيرة من الاشخاص، بل فرداً او عدداً من الافراد. اضافة الى ان التعيينات غير المعتمدة على معايير الكفاءة تشيع اجواء الاحباط والتظلم بين الناس. وخصوصا في الصفوف الامامية حيث يكون التماس مباشرا.
التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة ليست خططا وافكارا تعرض في الاجتماعات ذات المستوى المرموق فقط. بل يقتلها من يترجمها على الارض من غير ادراك. انقذوا المواطن واصحاب العمل والمستثمرين باعتماد منظومة واضحة.

