الخيطان يكتب: مبارزة دبلوماسية بين بايدن وترامب
فهد الخيطان
هذه لحظة لا مثيل لها من قبل في منطقتنا وربما في العالم. رئيسان أميركيان يسابقان الأيام والساعات لتحقيق إنجاز سياسي في بقعة صغيرة محطمة كانت منسية لسنوات طويلة، هي غزة.
الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن يكافح قبل أسبوع من نهاية ولايته لإنجاز صفقة تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأميركيين عند حركة حماس بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال، ووقف إطلاق النار ولو
لأسابيع قليلة. إنجاز يرفع عن كاهل بايدن ثقل أشهر من الفشل في وقف الحرب، وأكثر من ذلك صورة إدارته في أعين العالم وقد تورطت في دعم إسرائيل بلا تردد في حربها لإبادة غزة.
ورئيس عائد بنصر ساحق في الانتخابات هو دونالد ترامب، أقسم أن لا يدخل البيت الأبيض والحرب ما تزال مشتعلة في غزة والمحتجزون لم يعودوا لديارهم بعد.
الأول يتوسل نتنياهو لمنحه فرصة الخروج المشرف مقابل ما لحق فيه من عار جراء دعم إسرائيل المطلق. والثاني يهدد الشرق الأوسط بجحيم لم يره من قبل إذا لم تبرم الصفقة قبل أن يتوج رئيسا لأميركا في العشرين من الشهر الحالي.
ترامب يعد فوزه الساحق في الانتخابات تفويضا لقيادة العالم وفق نظرياته وليس أميركا فقط. السلام بالقوة هو عنوان سياسته الجديدة لاستعادة الاستقرار والسلام كما يقول بعد عالم غادره ساكنا وعاد إليه يموج بالحروب الكونية.
والمبارزة الدبلوماسية بين الفريقين لافتة حقا ولا سابق لها من قبل، فبينما يكافح أركان ومبعوثو إدارة بايدن بين الدوحة والقاهرة وتل أبيب لتطويق نقاط الخلاف وإنجاز اتفاق مؤقت لوقف النار في غزة وتبادل الأسرى، يدفع ترامب بمبعوثه الخاص للشرق الأوسط ليزاحم جماعة بايدن في غرف المفاوضات، حاملا رسائل التهديد والوعيد لمن لا يسهل الطريق أمام الصفقة.
وبين توسلات فريق بايدن المذلة وتهديدات ترامب الرهيبة، تبدو الصفقة وشيكة فعلا. نتنياهو أكثر قلقا هذه المرة من عواقب إعاقتها كما فعل مرات سابقة أو رفضها بوقاحة مثلما حصل مع مبادرة بايدن قبل أشهر. يدرك نتنياهو أن الصفقة حان وقتها ولو لمرحلة أولى فقط، وهناك ما يستحق أن يخشى عليه في العلاقة مع ترامب سواء ما تعلق بخططه في الضفة الغربية أو في المواجهة الحاسمة مع إيران التي
يتوعدها ترامب بسيل من العقوبات الاقتصادية القاسية، فيما الخيار العسكري على الطاولة إن لزم الأمر.
نهاية هذا الأسبوع حاسمة لجهة إبرام الصفقة أو تحدي قسم ترامب. وإذا كتب للاتفاق أن يرى النور
فسنشهد سباقا إعلاميا بين بايدن وترامب على الإنجاز. بايدن سيسارع إلى نسب الفضل لجهود إدارته الدبلوماسية في تحقيق الاتفاق، وترامب سيدعي أن موقفه الصارم لم يترك مجالا لأحد للتملص من التوقيع.
بمعنى آخر غزة ومعاناة أهلها وضحاياها من آلاف الأطفال والنساء ودمارها الذي لا يشبه حروبا سابقة، ليس أصل القصة ومنبع اهتمام الرئيسين، بل ذلك الإنجاز الدرامي في الدقائق الأخيرة من السباق الذي يستهوي ساسة أميركا كما لو أنه فيلم من أفلام هوليود.