دور الأردن في الملف السوري... احتكاك مشروط واعتبارات معقدة

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور صالح جرادات إن تركيا اليوم تُعتبر أحد اللاعبين الرئيسيين في الملف السوري، خصوصًا في ظل ما يُحاك من خطط للمرحلة الانتقالية في سوريا.

وأوضح لدى حديثه لقناة "المملكة"، رصدته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أنه لا يمكننا النظر إلى هذا الدور بمعزل عن التفاعلات الإقليمية والدولية المعقدة التي تشهدها الساحة السورية، فالصراع على سوريا ليس صراعًا محصورًا في الداخل السوري فحسب، بل هو ساحة تتداخل فيها المصالح المتناقضة للأطراف الإقليمية والدولية، وهو ما يجعل فهم المواقف المتضاربة أمرًا محوريًا لتحليل هذا الملف، ومن بين هذه الأطراف، تبرز الأردن وتركيا كدولتين تتمتعان بمصالح مشتركة رغم اختلاف موازين القوى والظروف.

الأردن، بصفته جار لسوريا، له مصالح استراتيجية أساسية في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وهذا الموقف يلتقي إلى حد بعيد مع الموقف التركي الذي يسعى بدوره إلى الحفاظ على سوريا موحدة، بعيدًا عن التقسيمات أو الفيدراليات التي قد تضر بمصالحهما الأمنية والسياسية، وفقًا للجرادات.

وذكر أنه من الواضح أن هذه المصالح المشتركة تشكل نقطة تلاقٍ بين البلدين، حيث يسعى الطرفان إلى مقاومة أي محاولات لتفكيك سوريا عبر خلق مناطق نفوذ معزولة أو خاضعة للسيطرة الأجنبية.

ونوّه الجرادات إلى أن هذا التوافق على الحفاظ على وحدة سوريا يتقاطع مع الأهداف الإسرائيلية التي تتجه نحو دفع سوريا إلى التقسيم، وهو ما يهدد بدوره استقرار كل من الأردن وتركيا، لتأتي - في هذا السياق - سياسات إسرائيل، خصوصًا في منطقة حوض اليرموك، التي تسعى إلى تأصيل وجودها العسكري في سوريا ودفع البلاد نحو نموذج من الأقاليم الفيدرالية، بما يعزز من مصالحها الأمنية والجيوسياسية، وهذه السياسة الإسرائيلية تمثل تهديدًا مباشرًا لتركيا والأردن على حد سواء، ما يضعهما في موقف مشابه في مواجهة هذا التحدي. ومن هنا، يتضح أن الأردن وتركيا يشتركان في هدف استراتيجي واحد: الحفاظ على وحدة سوريا في مواجهة مخططات التفكيك الإسرائيلية.

وبالرغم من التلاقي في المواقف، تظل تركيا صاحبة النفوذ الأكبر في سوريا في المرحلة الحالية، خاصة في شمال البلاد، فتركيا لم تقتصر على تأمين حدودها من التهديدات الكردية، بل تحاول أيضًا توسيع دائرة تأثيرها عبر تحالفات مع فصائل معارضة وبعض القوى المحلية، أما بالنسبة للأردن، فتتمحور مصالحه حول استقرار حدوده وعودة اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه في إعادة الإعمار والمساهمة في الحلول الإنسانية، وقد يجد الأردن في تركيا شريكًا مهمًا في هذه الأهداف، خاصة وأن تركيا لها دور بارز في ملفات الطاقة والكهرباء في سوريا، مما يعزز التنسيق بين البلدين.

ورغم هذه الديناميكيات، يظل السؤال الأهم: هل سيبقى الدور التركي هو المسيطر في تحديد ملامح الحل السوري، أم أن الأردن، الذي يشترك في مصالح حيوية مع تركيا، سيحصل على دور أكبر في رسم مستقبل سوريا؟

في الختام، يمثل التفاعل بين المصالح الأردنية والتركية في الملف السوري نموذجًا معقدًا من التحالفات الاستراتيجية التي تحكمها الاعتبارات الأمنية والاقتصادية، ورغم أن تركيا تعد القوة الرئيسية في تحديد مسار الحلول السياسية والعسكرية في سوريا، فإن الأردن، من موقعه الجغرافي وأولوياته الوطنية، يظل لاعبًا لا يمكن تجاهله في المعادلة السورية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير