الرداد لـ"أخبار الأردن": منطق "الملاخمة" وكواليس صناعة الشرق الأوسط

{title}
أخبار الأردن -

قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور عمر الرداد إن الخرائط السياسية للدول الحديثة تشكلت وفق خطوط رسمتها دبابات المنتصرين والمهزومين، عقب إسدال الستار على الحرب العالمية الثانية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تلك الحدود الجديدة كانت تعبيرًا عن موازين القوى التي حكمت النظام الدولي آنذاك، وشكلت أساسًا للواقع السياسي الذي نعيشه اليوم، غير أن هذا التشكيل الجغرافي والسياسي، الذي بدا يومًا ما انعكاسًا لقوة المنتصرين ورضوخ المهزومين، لم يعد يتماشى مع الطموحات المعاصرة للقوى الكبرى الساعية لإعادة صياغة النظام العالمي.

وبيّن الرداد أن هذا النظام الجديد، وإن كان متفقًا عليه في شكله العام، فإنه يظل موضع خلاف عميق في مضمونه، خاصة فيما يتعلق بمرجعية العدالة التي تتباين الرؤى بشأنها بين الشعارات المثالية والمصالح البراغماتية.

وذكر أنه بينما تُجرى النقاشات في غرف مغلقة، تُجمع القوى الكبرى على أن خطوط التقسيم المستقبلية لن تعتمد على الأسس الطائفية التي لطالما روج لها منظرون مثل برنارد لويس، بل ستقوم على خطوط إمدادات الطاقة التي باتت تشكل العصب الرئيسي للتحولات الجيوسياسية في القرن الحادي والعشرين، ومع ذلك، لا يمكن استبعاد إمكانية أن تكون خرائط لويس وأفكاره القديمة تخدم هذا الهدف بشكل غير مباشر، ما يفتح الباب للتساؤل حول مدى الترابط بين الاستراتيجيات الطائفية والمصالح الاقتصادية في إعادة رسم خرائط المنطقة.

ونوّه الرداد إلى أن الجدل الدائر بين العرب يظل بعيدًا عن جوهر التحولات الكبرى التي تُعد لهم، ذلك أن الانشغال بالصراعات الداخلية، والمناكفات السياسية والإعلامية لا يتجاوز كونه صدى لمخططات تُصاغ في أماكن أخرى، لذا، من الأجدى أن نصرف النظر عن تلك "الملاخمة" التي لا طائل منها، وأن نصغي لما يقوله الأمريكيون والأوروبيون، ومن ورائهم الإسرائيليون، بشأن رؤاهم لمستقبل المنطقة،  فهؤلاء لا يتحدثون عن الشرق الأوسط الجديد بوصفه فكرة نظرية أو مشروعًا مؤجلًا، بل باعتباره واقعًا قيد التشكل، تُرسم ملامحه خطوة بخطوة وفق مصالحهم وأجنداتهم.

واستطرد قائلًا إن لغة الإنكار والشتائم التي تهيمن على الخطاب العربي لن توقف هذا المسار، فالمستقبل يُكتب الآن، لا بالأماني والشعارات، بل برؤية واضحة وأدوات فاعلة، مضيفًا أن الشرق الأوسط الجديد، كما يبدو، لن يكون صنيعة أهل المنطقة، بل ثمرة توافقات كبرى تقرر مصيرهم دون أن يكون لهم دور فعلي في صياغتها.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير