اتفاق غزة بين مطالب "الغزيين" وحسابات "حماس" الاستراتيجية
سالم الريس
بين خيام النازحين المنتشرة على طول الساحل الغربي لمدينتي دير البلح وخانيونس وسط قطاع غزة، يجلس الغالبية من الرجال والنساء بين الخيام وفي الطرقات، وخلال جلساتهم يرتكز حديثهم اليومي حول آخر التطورات والتسريبات الشحيحة الواردة عبر وسائل الإعلام حول عمليات التفاوض بين حركة "حماس" وإسرائيل برعاية قطرية-مصرية-أميركية منذ قرابة شهر دون الإعلان عن الوصول لاتفاق واضح، إلى جانب الحديث حول استمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحقهم وذكر من فقدوهم والحنين للعودة إلى ديارهم ومنازلهم التي أجبرهم الجيش الإسرائيلي على النزوح منها ومنعهم من العودة منذ أكثر من 14 شهرا من عمر الحرب.
ومنذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبعد الإعلان عن فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالسباق الانتخابي لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية في الدورة القادمة حيث سيتقلد منصبه في الشهر الجاري، بدأت جولة جديدة من التفاوض في قطر ومصر برعاية الدولتين والولايات المتحدة الأميركية بين "حماس" وإسرائيل، اشترطت قطر خلال التفاوض السرية وعدم تسريب المعلومات حول مجريات التفاوض، وهو ما التزمت به حركة "حماس" بشكل أكبر من إسرائيل حتى لحظة نشر هذا المقال، إلا أنه وبعد قرابة شهر من المفاوضات والتكهنات الإعلامية، لم يتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يقضي بانتهاء الحرب أو هدنة لإتمام عملية تبادل للأسرى.
وبحسب التسريبات الواردة عبر وسائل الإعلام المختلفة، فإن المفاوضات الجارية بين "حماس" وإسرائيل، ترتكز في الأساس على اتفاق حول عملية تبادل الأسرى بين الجانبين، فيما تبدو النقاط الخلافية حتى اللحظة، حول عدد ونوعية الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم في المراحل الأولى من الاتفاق، والذي قد يؤدي إلى وقف إطلاق النار وعودة النازحين إلى ديارهم وانسحاب الجيش الإسرائيلي من أجزاء داخلية لقطاع غزة.
وتعبر وجهات نظر المفاوضين من كلا الطرفين عن مطالبهما فقط دون الالتفات لمطالب عائلات الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة "حماس"، والتي تطالب بعقد صفقة تبادل مع "حماس" وتنفيذ مطالبها واستعادة أبنائهم أحياء دون الاهتمام بمطالب الحكومة الإسرائيلية التي تركز في الأساس على إنهاء المقاومة الفلسطينية وسلاحها، وضمان عدم عودة "حماس" للحكم في غزة.
أما حركة "حماس"، فترتكز مطالبها الأساسية، على استعادة أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وبالأخص الأسرى القدامى والمرضى وأصحاب المؤبدات العالية، مقابل الإفراج عن المحتجزين لديها، كما تشترط لعقد صفقة التبادل، وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي وفتح المعابر وإعادة إعمار القطاع وما دمره الجيش الإسرائيلي الذي يحتاج أكثر من عشر سنوات بحسب ما أكدت عدة مؤسسات ومنظمات دولية في تقارير حديثة لها، حيث تعرض أكثر من 70 في المئة من قطاع غزة للتدمير والخراب.
لكن ما هي مطالب المواطنين الغزيين النازحين من ديارهم في خيام لا تقيهم من حرارة الصيف أو برد وأمطار الشتاء؟ وماذا عن مطالب أهالي ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية، حيث تجاوزت أعداد الضحايا لأكثر من 45 ألفا فيما لا يزال هناك أكثر من 10 آلاف مفقود غير معلوم مصيرهم بحسب آخر إحصائيات صادرة عن وزارة الصحة بغزة، وماذا عن مطالب من فقدوا أعمالهم ومنازلهم وحياتهم واستقرارهم ولا زالوا تحت القصف وعرضة للقتل في أي لحظة؟ وماذا عن الغزيين في الخارج والذين اضطروا للسفر من أجل العلاج أو التعليم أو بحثا عن الأمان في بداية الحرب ولم يتمكنوا من العودة بعد أكثر من عام من خروجهم؟