الرواشدة يكتب: أعترفُ وأسامح، أُدافعُ عن الأردن ولا أحتكرُ "الوطنية"

{title}
أخبار الأردن -

 

‏حسين الرواشدة

‏لدي ، مع غروب شمس آخر يوم في هذا العام 2024 ، عدة ملاحظات( جردة حسابات :أدق)،  أستأذن بتسجيلها:  لقد نذرت قلمي ، على مدى هذا العام ( عام الحرب) الذي اوشك على الانصراف ، من أجل الدفاع عن الدولة الأردنية ، أقول : الدولة التي تتطابق مع الوطن ، لا أقصد الدفاع عن أي إدارة،  أو التصفيق لأي جهة أو مسؤول ، فعلت ذلك ليس  لأنني إقليمي أو متعصب ، او منزوع من اعتبار العروبة والأمه الواحدة ، فأنا اعتز بالمقاومة الواعية، ومع حق اهلنا في التحرر والتخلص من الاحتلال ، وكنت ومازال وسأبقي أدور في إطار الأمة وقضاياها العادلة ، وفي مقدمتها فلسطين ، لكن الدفاع عن الأردن والحفاظ عليه هي أولويتي ،  كما أفترض أن تكون أولوية كل الأردنيين الأصلاء،  أرأيت إذا داهم الحيَّ لصوصٌ،  من تحمي أولا ، بيتك أم بيت الجيران؟  لا انتظر شكراً من أحد ، ولا أرد على أي إساءة  تصلني ، وما أكثر الإساءات،  احترم آراء الجميع ، وأسامح حتى الذين فجروا بالخصومة.

‏منذ أن وقعت الحرب على غزة ، تولّدت لدي قناعة بأن بلدنا يمر بأخطر مرحلة منذ تأسيسه ، لا مجال للمجاملات أو المزاودات،  أو الصمت المغشوش ، أي محاولة لإضعاف الدولة ستصب حتما في حساب ما يريده اعداؤنا الذين يحاصروننا من كافة الجهات ، وأسفلهم العدو الصهيوني ، حاولت أن أستنهض قوى المجتمع ونخبه ، رؤساء الوزارات السابقين والأحزاب والباشوات ، النقابيين والإعلاميين والأكاديميين،  حاولت ولكن للأسف أخفقت مرارا ونجحت احيانا ، ثم وصلت إلى قناعة بأن ثمة مجهولا ينتظرنا،  وأن وراء ما حدث في بلدنا قطبة مخفية،  أو تيارات تتحرك داخل بلدنا ولا تضمر له خيرا.

‏فيما سبق ، انتقدت تصعيد الخطاب الرسمي ورفضت اعتبار  الأردن طرفا في الحرب ، أو استخدامه كطلقة في بنادق تعيدنا 50 عاما إلى الوراء،  دعوت إلى عقلنة الخطاب العام والالتفاف والاستدارة للداخل الأردن ، والتعامل مع الحرب واستحقاقاتها بحكمة وهدوء ، وفق حسابات مضبوطة على ساعة المصالح العليا للدولة فقط ، أكيد هذه الدعوات  لم تعجب الكثيرين ، ومع ذلك لم أتزحزح عن هذه القناعات رغم كل الضغوطات ، كما تعمدت  أن أؤجل اي نقاش حول عملية 7 أكتوبر لأن ما حدث أصبح من الماضي ، ولأن أي انتقاد سيفهم في سياقات أخرى لا أريدها ، وليس هذا وقتها ، ومن أسف أن أخطاء بعضنا  تحولت إلى مقدسات يُمنع الإقتراب منها.

‏أكثر ما يؤلمني هو أن الانحياز للأردن اصبح يثير غضب البعض ويستفزهم،  وربما يدفعهم إلى توزيع الاتهامات  بالعنصرية ، أو التصنيف في دوائر مظلمة وظالمة أيضا ، لا يهمني ذلك ، الوطنية الأردنية ليست حكراً  عليّ ، ولا على غيري ، لكن إشاراتها واضحة والدليل عليها واضح أيضا،  فرق كبير بين من يرى الأردن من ثقب شباك تنظيم يناصره،  أو دولة يرتبط بها أيدولوجيا ،  وبين من يرى الأردن من فوق جبال عمان او عجلون أو الكرك او الشوبك ، أو من أي ذرة تراب في هذا الوطن العزيز  ، ثمة فرق كبير، ايضاً،  بين من يُصنّف الدولة الأردنية كشريك في العدوان ويشكك بمواقفها ويحرض عليها ، وبين من يؤمن بها ويقدِّر  إمكانياتها وخياراتها ،  ويعتز بهويتها الوطنية وجيشها  وقيادتها ، هنا يقع امتحان الوطنية  الحقة حتى وإن تشاطر البعض في إلباس مواقفهم أثوابا مزركشة تدغدغ العواطف.

‏قلت في هذه المرحلة الصعبة : الدفاع عن الأردن والالتفاف حوله أولوية مشروعة ، وضرورة وطنية،  لأن التهديد الذي نواجه يتعلق بوجودنا كأردنيين،  وليس بحدودنا فقط ، ثمة من  يريد تحجيم  دورنا،  أو تحويلنا  إلى مصبّ للتصفيات القادمة ، وثمة من يحاول دبّ الفوضى داخل مجتمعنا ، وزعزعة جبهتنا الداخلية ، الأردن الدولة الوحيدة في مثلث هضبة الانهدام  السياسي الذي ما زال واقفا صامدا ، وسيبقى إن شاء الله ، ومع ذلك لم اتردد بمطالبة إدارات الدولة بتصفير  أزماتنا ، دعوت إلى حل مشكلة المعلمين ونقابتهم ،  وإخراج الموقوفين سياسيا من السجون ، واجهت الفساد وهاجمت أصحابه ، حملت اوجاع الأردنيين لمن يهمهم الأمر ، صحيح انتقاد مؤسسات الدولة ومناكفتها ليس هذا وقته ، لكن منعة الأردن وإعادة العافية للأردنيين طريقه الوحيد هو إقامة موازين العدالة والحرية و المكاشفه ، أقصد ان إدارة الدولة بمنطق يتناسب مع تضحيات الأردنيين وحقوقهم وطموحاتهم ،يضمن صمودنا  ويجنبنا ما حصل في الإقليم أيضا.

‏بقي ملاحظة أخيرة ، ما حدث حولنا من كوارث يجب أن يفتح عيوننا على ما يلي :  لا يجوز أن نراهن على أي طرف ، يجب أن نساعد أنفسنا بأنفسنا ونعتمد على ذاتنا ، جبهتنا الداخلية هي سرّ قوتنا والصخرة التي تتكسر عليها كل محاولات استهدافنا ، لا يجوز أيضا أن نربط مصير الدولة الأردنية بأي قضية أو دولة أو تنظيم ، ما نخشاه من استفراد حصل وانتهى ، والتنظير عن الأمة والاستنجاد بها أصبح مجرد امل، ( وهْم ربما)، غزة ولبنان ثم سوريا والسودان وليبيا  والعراق شواهد على ما حدث ،،حيث لم يتحرك أحد للمساعدة ، علينا  أن نتعلم من دروس التاريخ والحاضر أيضا ، لا يوجد استثناء ولا أحد محصن من القادم ،  قاعدة الاستثناء سقطت ومعها سقطت محاولات تزيين الواقع والتغطية على الأخطاء ، والاستماع إلى النصائح المغلفة بسولفان النفاق والكذب …و فهمكم كفاية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير