بين "الخصيبي" و"الإمامين".. إيران تغذي "الطائفية" بتفجر "المراقد"
مختار الابراهيم
تظاهر عشرات الآلاف من الطائفة العلوية في مدن حمص واللاذقية وطرطوس والقرداحة في الساحل السوري، بعد انتشار فيديو لهجوم على مقام ديني أكدت وزارة الداخلية السورية أنه "قديم".
وجاءت المظاهرات الغاضبة بعد "حرق مقام أبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي في حلب"، المظاهرات اندلعت بعد جملة من التصريحات الإيرانية التحريضية والتي تهدف لزعزعة الأمن النسبي في البلاد.
ومطلع العام 2013 أعلنت إيران التدخل المباشر لصالح بشار الأسد لقمع الثورة الشعبية ضد السوريين، رغم أن تدخلها الحقيقي كان قبل ذلك بكثير، وبدأت تصريحات مختلفة صادرة من جانب قادة ومسؤولين في نظام ولاية الفقيه، ترکز على ما يسمونه بـ"حماية المقدسات الدينية" في سوريا من هجمات محتملة من جانب عناصر الفصائل المتطرفة.
ومع سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من الشهر الجاري وانهيار نظام حزب "البعث"، الذي هيمن على حكم البلاد لأكثر من نصف قرن تلقت طهران ضربة لا يمكن تعويضُها في سوريا، على اعتبارها الركيزة الأهم في "محور المقاومة".
ما إن استوعبت طهران هول الصدمة حتى بدأت بإطلاق التهديدات العلنية بزعزعة الأمن في سوريا حيث قال المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران أصغر جهانغير، إن تنبؤات خامنئي "حول ظهور الشباب السوري الشريف والقوي الذي سيدحر المحتلين من أرض بلاده، ستتحقق في القريب العاجل"، وإن "المقاومة الآتية ستثبت انتصار الحق على الباطل".
وكان المرشد الإيراني، علي خامنئي قال سابقا: "الشاب السوري ليس لديه ما يخسره؛ جامعته غير آمنة، مدرسته غير آمنة، منزله غير آمن، شارعه غير آمن، حياته غير آمنة، فماذا يفعل؟ يجب أن يقف بقوة وإرادة ضد أولئك، الذين خططوا لهذه الفوضى، وأولئك الذين نفذوها".
من جهته هدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي سوريا والشعب السوري، بقوله أنه من المبكر اتخاذ أي حكم حول الأوضاع الحالية، مؤكدًا أن من يعتقدون أن الانتصارات قد تحققت في سوريا يجب عليهم التريث.
السيناريو السوري هو إعادة لسيناريو العراق بحذافيره، فقبل عشر سنوات أکد الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني أن المقدسات في کربلاء والنجف وبغداد وسامراء خطوط حمر، تبعه وزير الدفاع حسين دهقان بتصريح آخر أکد فيه أن إيران ستتدخل برا وجوا في العراق من أجل حماية المقدسات من دون أخذ إذن بذلك.
وبالعودة قليلا إلى 22 شباط/فبراير 2006 حيث حصلت عملية "تفجير ضريح العسكريين" وهي عملية تفجير منظمة حدثت في استهدفت ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في العراق الذي لهُ قدسية لدى الشيعة؛ وذلك لأنه مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري، وقد أدى إلى إشعال الفتنة بين كل من الشيعة والسنة في العراق، حيث أن سامراء مدينة ذات مكون سني.
وفي 2022 قال السياسي العراقي والعضو في البرلمان فائق الشيخ علي “شيعي” إن ميليشيات شيعية هي من فجر مرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء العراقية في العام 2006 خدمة لمصالح إيران.
وأضاف أن التقارير الرسمية التي صدرت عن اللواء عدنان ثابت واللواء جهاد الجابري المسؤولين عن التحقيقات أثبتت مسؤولية إيران ومليشياتها عن التفجير ولكن تم إخفاء هذه التقارير.
الشيخ علي الذي كان معارضا لنظام صدام حسين أكد أن التقارير التي قدمها الجابري وعدان تثبت بالأدلة مسؤولية هذه المليشيات عن التفجير، وأن إعدام التونسي المكنى بأبي قدامة بزعم أنه من نفذ التفجير كان للتغطية على الجريمة.
وأوضح الشيخ علي أن إيران أرادت أن تتسبب باقتتال طائفي لتهجير السنة من المناطق المختلطة وهذا ما كان لها، مشيرا في الوقت نفسه إلى ما يتعرض له “السنة” في مدينة سامراء للإذلال من قبل الميليشيات، وأدى الاقتتال الذي اندلع بعد التفجير أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء كما تم تهجير عشرات الآلاف من مناطقهم.
اللافت بالسيناريوهين السوري والعراقي أن المراقد كانت موجودة قبل مئات السنين وبمدن ذات مكون "سني" دون أن يمسها أحد، واليوم يتم استثمار ملف المراقد "سلبا" خدمة "دنيئة" ومعلنة لتنفيذ مخططات الولي الفقيه بإبقاء دول المنطقة ترزح تحت صراعات طائفة دون إعطاء أهلها فرصة بناء دولهم بالشكل الذي يصبون إليه.
واللافت أكثر أن إيران تحاول أن إفراغ العراق من أي قدسية دينية من جهة المذهب الشيعي لصالح قُم على حساب النجف الأشرف، وبعض علماء الشيعة يقولون عن الخصيبي أنه كان فاسقاً كذاباً!