بانوراما الساحة السياسية في الأردن لعام 2024
بقلم د.فوزان العبادي
في هذا المقال أحاول تقديم مسح شامل لأهم الأحداث السياسية في المملكة الأردنية الهاشمية خلال عام ٢٠٢٤ حيث نستعرض الأحداث بعين التقييم والنقد بهدف الإصلاح والبناء .
حيث يمكننا أن ننطلق في هذه البانوراما منذ بداية العام وإنطلاق سبق الحكومة السابقة لتأكيد اجراء الانتخابات النيابية في الثلث الأخير من العام ومحاولة إقناع كافة أطراف العملية الانتخابية من الاحزاب الى المواطنين الى مؤسسات المجتمع المدني المحلية والخارجية بكفاية الوقت لتمكين الناخب من منظومة التحديث السياسي ..من جانب آخر تميزت هذه الحكومة بجملة من القرارات الإقتصادية العشوائية السلبيه أدت الى زيادة المديونية والتدني المستمر في المستوى المعيشي للمواطن كان آخرها قرار أربك الاسواق والمواطنين في رفع ضريبة السيارات الكهربائية..لتنهي مسيرتها بإجراء إنتخابات برلمانيه أثبتت للجميع أنها نجحت بتحقيق معيار نزاهه عالي من جهة ولكنها فشلت بتمكين الناخبين من منظومة التحديث السياسي والأحزاب وشكل البرلمان الحزبي القادم لتأتي النتائج مخيبه لآمال المواطنين والأحزاب معا.
ولتبدأ مرحلة جديدة بعد أيام قليلة من الانتخابات بعد إستقالة حكومة بشر الخصاونه ..وتعيين الدكتور جعفر حسان رئيس للحكومه الجديدة حيث حملة للمواطنين أمال وأحلام جديدة أيضا بتشكيل حكومي يتناسب مع الرئيس الذي بدت عليه نوايا طيبه في العمل الميداني الجاد .ولكن للأسف تتعرض الحكومة الى نكسه أولى بمن حملت من أسماء في تشكيلتها الأولى التي جاءت مكررة ومستهلكة ومترهلة وبعدد إضافي من الحقائب الوزارية بدلا من الدمج والترشيق للطاقم الوزاري لا بل وجود وزراء تأزيم في حكومات سابقة جعل المشهد أكثر قتاما.. مما أضطر الرئيس لزيادة جهوده الفرديه في محاولة لتحسين صورة الحكومة من خلال جولاته الميدانية الواسعه وجملة من القرارات الإقتصادية وصلت الى ٤١ قرار خلال ١٠٠ يوم من عمر الحكومة عدد منها جاء يلامس معيشة المواطن مثل قرار اعفاء غرامات اعادة تسجيل المركبات .. الى ان عادت الحكومة للتراجع بأدائها عند تقديم مشروع قانون الموازنة العامه ٢٠٢٥ ليثبت لنا انها كانت مجرد بداية جيدة وممكن ان لا تستمر خاصة بقانون مكرر وبامكانيات محدودة في قانون الموازنة العامة حيث تم بناء افتراضات الموازنة على أسس تقليدية، لم تستمد أساسها من النمو الاقتصادي الحقيقي مع وجود قصور وإختلال في الموازات الرأس مالية لعدة قطاعات على رأسها القطاع الزراعي أحد أهم دعائم (الأمن الغذائي)
أما مجلس النواب العشرون والذي جاء كأول إفرازات منظومة التحديث السياسي فلم يلبي طموح الشارع الأردني بل لم يلبي طموح من أسس لهذه المنظومة وهو رئيسها دولة سمير الرفاعي الذي إنتقد بشكل صريح إفرازات منظومة التحديث السياسي وان هذه النتائج لم تكن هي المخرجات المأمولة من مشروع التحديث ..لنشهد ولادة مجلس نواب محكوم عليه بالموت السريري وليبدأ بخوض معركته لكسب ثقة الشارع وتأييده .ولكن لازال يستخدم ذات أسلحته التقليدية المتمثلة بتحقيق خدمات مناطقية ووعود وردية لناخبيه حيث لم ينضج الشكل البرلماني الحزبي بعد...فقد فشل في أول إختباراته عندما تم تشكيل كتل نيابيه بهدف التحالفات الانتخابية الداخليه للمجلس والتي جاءت مخيبة لآمال الشارع أيضا ثم فشل البرلمان مرة باثبات الشكل الحزبي عندما وجدنا نواب من ذات الحزب كما تم توصيفهم بعد الانتخابات منهم من منح ثقة ومنهم من حجب الثقة في جلسة الثقة للحكومة لؤكد ذلك على وجود اختلافات واضحه واعتلال كبير بين النائب عن الدائرة المحلية وعن القائمة الوطنيه للأحزاب.
كل هذه التحديات والإختلالات التي تواجه الحكومة والمجلس نهاية هذا العام وبداية العام الجديد يمكن تحويلها الى فرص ونجاحات كبيره ..فالحكومة مقبلة على تعديل وزاري يمكنها من خلاله إعادة التوازن للطاقم الوزاري وإخراج وزراء تأزيم وإختيار كفاءات وطنية قادرة على التعامل مع تحديات المرحلة أما مجلس النواب فهو أمام إختبار حقيقي بدءا من لجنته المالية لتقديم تقرير يعالج إختلالات الموازنه ويضع الإقتصاد الوطني على الطريق السليم و انتهاءا بتصويت المجلس على مشروع قانون الموازنه بشكلها الحالي!!
وإننا في نهاية هذا المقال نتضرع لله العلي القدير أن يحفظ هذا الوطن بقيادته الهاشمية الحكيمه وأن يجعل العام المقبل عاما للنهضة والتطور في كافة الميادين والمجالات.