رؤساء سوريا في 100 عام... من استقالة صبحي بركات إلى هروب بشار الأسد

{title}
أخبار الأردن -

 

سامي مبيض

ما هو رقم بشار الأسد في تسلسل رؤساء سوريا؟ الجواب إشكالي وغير متفق عليه، فبعضهم كانوا رؤساء دون أن يمارسوا مهامهم الرئاسية، وهناك من تسلّموا الصلاحيات الرئاسية دون تسميتهم رؤساء. الكثير من الناس يخطئون القول بأن محمد علي العابد هو أول رئيس سوري بعد انتخابه سنة 1932، ولكن قبله كان هناك رئيسان للدولة في عشرينات القرن العشرين، أحدهما جاء بالانتخاب، والثاني بالتعيين. علينا الاتفاق على عدد لمعرفة ما رقم رئيس سوريا المقبل بعد الإطاحة ببشار الأسد، ونفيه خارج البلاد.

الرئيس الأول صبحي بركات (1922-1925)
الرئيس الأول هو– ومن دون أدنى شك- صبحي بركات، ابن مدينة أنطاكية الذي انتخب رئيساً لدولة الاتحاد السوري في 11 ديسمبر/كانون الأول 1922. وعند انتهاء الحكم الفيدرالي في سوريا يوم 1 يناير/كانون الثاني 1925، أصبح رئيساً لدولة سوريا حتى استقالته من المنصب في 21 ديسمبر 1925، احتجاجاً على قصف فرنسا لمدينة دمشق قبلها بشهرين. كان أول رئيس يستقيل من المنصب طوعياً وقد لحقه كثيرون.

الرئيس الثاني أحمد نامي (1926-1928)
سمّي بعده الداماد أحمد نامي، صهر السلطان عبد الحميد الثاني، رئيساً للدولة وللحكومة معاً بقرار من المفوض السامي هنري دي جوفونيل، من 5 مايو/أيار 1926 ولغاية 8 فبراير/شباط 1928 يوم أجبر على الاستقالة بعد انسحاب معظم وزرائه. كان أول وآخر رئيس من العرق الشركسي، وثاني رئيس يستقيل من منصبه بعد صبحي بركات وقد حكم من دون دستور أو مجلس نيابي وشهد عهده أعنف معارك الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي.

العابد أول رئيس للجمهورية السورية (1932-1936)
غاب منصب رئيس الدولة من بعدها، وتولّى زمام الحكم الشيخ الدمشقي تاج الدين الحسني، بصفته رئيساً للحكومة في السنوات 1928-1931. وفي سنة 1932 تحولت "الدولة السورية" إلى جمهورية، بعد إقرار الدستور وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية. ترشح الوجيه الدمشقي محمد علي العابد ضد رئيس الدولة الأسبق صبحي بركات، وحاكم دولة دمشق الأسبق حقي العظم، وبعد فوزه عليهما أصبح أول رئيساً للجمهورية في 11 يونيو/حزيران 1932. درس العابد في جامعة السوربون العريقة وكان سفيراً سابقاً للدولة العثمانية في واشنطن، وأكبر رئيس سوري حتى ذلك التاريخ، وهو في الخامسة والستين من عمره. كان أول رئيس يحكم بشرعية الدستور والمجلس النيابي معاً، علماً أن فرنسا عطّلت المجلس في عهده، وبقي العابد في المنصب لغاية استقالته في 21 ديسمبر 1936.

الرئيس الثاني للجمهورية (1936-1939)
بعد استقالة العابد انتخب الشيخ الجليل والزعيم الوطني هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية نهاية عام 1936، وكان عهده دستورياً وبرلمانياً، ولكنه استقال من المنصب في 8 يوليو/تموز 1939 بسبب رفض المجلس الوطني الفرنسي المصادقة على معاهدة عام 1936 التي كان من المفترض أن توسّع من صلاحيات الحكومة السورية، وتمهّد الطريق أمام الاستقلال التدريجي. بعد أقل من شهرين على استقالة الرئيس، اندلعت الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وفرضت الأحكام العرفية على سوريا، مع حل المجلس النيابي، وتعطيل الدستور.

الرئيس الثالث للجمهورية (1941-1943)
وفي 16 سبتمبر/أيلول 1941، أصبح رئيس الحكومة الأسبق تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية، بقرار من قائد قوات فرنسا الحرة الجنرال شارل ديغول. رفض أن يأتي بالتعيين، وطلب إلى ديغول دعوته لتولي المنصب، فوافق الأخير، ولكنه قال بوضوح إنه لن يكون هناك انتخابات في سوريا ولا عودة إلى الدستور قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية.

في عهد الشيخ تاج دمجت جبال العلويين وجبل الدروز بالوطن الأم، ونالت سوريا استقلالها عن الانتداب ولكن الفرنسيين الأحرار قالوا إنهم لن ينسحبوا عسكرياً من سوريا قبل انتهاء الأعمال القتالية في أوروبا.

كان الشيخ تاج أول رئيس جمهورية يأتي بالتعيين، وأول رئيس يتوفى في سدّة الحكم يوم 17 يناير 1943. خلفه رئيس الحكومة جميل الألشي رئيساً بالوكالة لغاية 25 مارس/آذار، يوم تعيين الوجيه الدمشقي عطا الأيوبي رئيساً للدولة وتكليفه بالإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.

الرئيس الرابع والخامس (1943-1949)
شهد عام 1943 أربعة رؤساء في سوريا، أولهم الشيخ تاج، ثانيهم جميل الألشي، ثالثهم عطا الأيوبي، ورابعهم شكري القوتلي الذي انتخب في 17 أغسطس/آب 1943. شهد عهد القوتلي منجزات عدة، منها مشاركة سوريا في تأسيس جامعة الدول العربية، وحضورها مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية في 30 أبريل/نيسان 1945. وكان القوتلي أول رئيس سوري يُسافر خارج البلاد وهو على رأس عمله، إلى بيروت للقاء نظيره اللبناني بشارة الخوري، وإلى السعودية حيث حل ضيفاً على الملك عبد العزيز آل سعود، وإلى مصر للقاء الملك فاروق وحضور أول قمة عربية في مدينة أنشاص في مايو/أيار 1946. وفي عهده أيضاً وقع العدوان الفرنسي على دمشق يوم 29 مايو 1945، تحقّق جلاء سوريا التام عن الانتداب الفرنسي في 17 أبريل 1946. وشهد عهده تأسيس الجيش السوري يوم 1 أغسطس 1945 ودخول سوريا في حرب فلسطين منتصف شهر مايو 1948. وكان أول رئيس يعدّل الدستور، للسماح للقوتلي بولاية ثانية سنة 1948.

حسني الزعيم أول جنرال يحكم سوريا
بدأت مرحلة تمادي العسكريين على الحكم المدني في أعقاب حرب فلسطين وفي 29 مارس 1949 كان الانقلاب الأول على الرئيس القوتلي، بقيادة قائد الجيش حسني الزعيم. فرض الزعيم الأحكام العرفية، وعطّل العمل بالدستور والمجلس النيابي، وحل كل الأحزاب، واعتقل رئيس الجمهورية. بعد حصوله على استقالة القوتلي رشّح نفسه للرئاسة، وفاز دون منافسة في 26 يونيو 1949. أسّس لحكم العسكر في سوريا وكان أول من نظّم استفتاء شعبياً بدلاً من الطريقة المتبعة من قبل كل أسلافه التي كان يجري فيها انتخاب الرئيس بالتصويت داخل مجلس النواب

دخل في مفاوضات مع إسرائيل، منها العلني لأجل التوقيع على اتفاقية الهدنة بعد حرب 1948، ومنها السري لإقامة سلام دائم مع ديفيد بن غوريون. كان الزعيم أول من يعتقل رئيساً منتخباً، وأول مع يتعدى على الدستور والسلطة التشريعية، ولكن عهده لم يستمر طويلاً، وأطيح به بموجب انقلاب عسكري قاده اللواء سامي الحناوي في 14 أغسطس 1949. وكان حسني الزعيم أول رئيس سوري يُعدم رمياً بالرصاص بتهمة "الخيانة العظمى".

عودة الحياة البرلمانية
مع سقوط الزعيم ومقتله، خرج الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي من اعتزاله السياسي، وعاد إلى الحكم بعد عشر سنوات من استقالته الأولى، رئيساً للوزراء من 14 أغسطس ولغاية 14 ديسمبر 1949، ثم رئيساً للدولة لغاية انتخابه رئيساً للجمهورية في 8 سبتمبر 1950. أشرف الأتاسي على انتخاب جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور جديد بدلاً من دستور عام 1928 الذي عطّله حسني الزعيم. واجه تحديات جمّة من تمادي العسكريين على الحكم، وقيامهم بانقلابين في عهده، الأول على قائد الجيش نهاية عام 1949 والثاني على رئيس الحكومة معروف الدواليبي يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1951. ورفض التعاون مع صانع الانقلابين العقيد أديب الشيشكلي وفي 3 ديسمبر 1951، قدّم استقالته من الرئاسة، للمرة الثانية في حياته، موجّها إلى المجلس النيابي لا إلى أديب الشيشكلي.

إشكالية سعيد إسحاق
بموجب الدستور، كان من المفترض أن يتولّى رئيس المجلس النيابي ناظم القدسي مقاليد الحكم خلفاً للرئيس الأتاسي. ولكنه اعتُقل أيضاً من قبل الشيشكلي، وذهبت رئاسة البرلمان إلى نائب رئيس المجلس سعيد إسحاق. بعضهم عدّه رئيساً لمرحلة انتقالية، ولكن سعيد إسحاق لم يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية ولم يوقع على أي مرسوم رئاسي، ولم يدخل القصر الجمهوري لأنه مسيحي، وذلك ما يتعارض مع المادة الثالثة من الدستور التي تنص على أن يكون الرئيس السوري مسلماً.

العودة إلى حكم العسكر
لم يتسلّم أديب الشيشكلي بشكل مباشر في البداية بل عيّن صديقه اللواء الدمشقي فوزي سلو رئيساً للدولة من سنة 1951 ولغاية 11 يوليو 1953. في هذه الأثناء حكم الشيشكلي من خلف الستار، وأشرف على تقارب كبير مع الولايات المتحدة والسعودية ومصر بعد نجاح انقلاب الضباط الأحرار على الملك فاروق سنة 1952.

شهد عهده ازدهاراً اقتصادياً غير مسبوق، وكان الأنضج بين كل من حكم سوريا من العسكريين. كان أول رئيس حموي، وأول من أطلق حزباً خاصاً به باسم "حركة التحرير العربي". وقد دعا الشيشكلي إلى استفتاء شعبي على طريقة حسني الزعيم، أوصله إلى رئاسة الجمهورية سنة 1953، مع وضع دستور جديد للبلاد، وانتخاب برلمان جديد، غابت عنه كل الأحزاب التقليدية.

إشكالية مأمون الكزبري
سقط الشيشكلي بموجب انقلاب عسكري، واستقال من منصبه في 25 فبراير 1954. جاء في كتاب الاستقالة الذي بثّ عبر أثير إذاعة دمشق أن قرار التنحي جاء تجنباً لسفك دماء السوريين، وتداعى السياسيون الكبار، وطلبوا إلى الرئيس المستقيل هاشم الأتاسي العودة إلى الحكم. ولكنه لم يصل دمشق إلّا في 1 مارس 1954، وفي أثناء المدة الفاصلة بين خروج الشيشكلي وعودة الأتاسي، ذهبت الرئاسة الأولى دستورياً إلى رئيس مجلس النواب الدكتور مأمون الكزبري، أستاذ القانون في الجامعة السورية، ولكنه لم يمارس صلاحيات رئاسية، ولم يدخل قصر المهاجرين، ولذلك يسقط اسمه عادة من قوائم رؤساء الجمهورية.

عودة الأتاسي والقوتلي مرة ثالثة
عاد هاشم الأتاسي إلى الرئاسة لإكمال ما تبقى من ولايته الدستورية المنقطعة بسبب انقلاب سنة 1951. عدّ الأتاسي أن عهد الشيشكلي لم يمر على سوريا، وأعاد العمل بالدستور القديم والمجلس النيابي القديم، وأبطل معظم قراراته. أشرف على الانتخابات النيابية والرئاسية التي تنافس فيها الرئيس الأسبق شكري القوتلي مع رئيس الحكومة الأسبق خالد العظم. فاز القوتلي على العظم، وصار أول رئيس سوري ينتخب ثلاث مرات، الأولى سنة 1943، والثانية 1948، والثالثة 1955.

وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة في تاريخ سوريا التي يسلّم فيها الحكم بشكل سلمي وديمقراطي، دون انقلاب أو وفاة مفاجئة أو مقتل أي من الرؤساء. سلّم الأتاسي الحكم إلى القوتلي في 5 سبتمبر 1955، وعاد إلى مسقط رأسه في حمص حيث توفي سنة 1960.

وقد حكم القوتلي سوريا في مرحلة عصيبة من الحرب الباردة، وكان أول رئيس يزور الاتحاد السوفياتي سنة 1956، وفي عهده أقيمت أول صفقة سلاح مع موسكو، وعلاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. أراد الأميركيون الإطاحة به، واتهموه بالتعاطف مع المعسكر الشرقي، وقد رتبوا لانقلاب عسكري أجهض من قبل المخابرات السوري ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، وسحب السفير السوري من واشنطن. وفي عهده أيضاً قطعت العلاقات مع بريطانيا وفرنسا رداً على العدوان الثلاثي على مصر، قبل أن يستقيل طوعياً عند ولادة جمهورية الوحدة مع مصر في فبراير 1958

الوحدة والانفصال (1958-1961)
كان جمال عبدالناصر أول شخص غير سوري يصل إلى القصر الجمهوري بدمشق، علماً أن رئيس الدولة أحمد نامي كان لبنانياً سنة 1926 وكذلك رئيس حكومة المديرين بهيج الخطيب سنة 1939 (وهو مصطلح بديل عن مجلس الوزراء اعتمدته فرنسا مدة قصيرة أيام الانتداب). حقق عبدالناصر جماهيرية واسعة منقطعة النظير، ووعد بأن تستمر دولة الوحدة 100 عام. ولكنه خذل الطبقة الاقتصادية من صناعيين ومصرفيين وتجّار وملاك، بسبب قانون الإصلاح الزراعي سنة 1958 وقرارات التأميم سنة 1961 التي طالت معظم المصارف وكبرى الشركات الصناعية.

أسس لدولة بوليسية عبر المكتب الثاني (شعبة المخابرات العسكرية)، وسقط بانقلاب عسكري يوم 28 سبتمبر 1961. أراد بعض العسكريين دعوة شكري القوتلي للعودة إلى الحكم واستكمال ولايته التي قطعت سنة 1958، تماماً كما فعل هاشم الأتاسي بعد سقوط الشيشكلي، ولكن القوتلي رفض ذلك، وأجريت انتخابات رئاسية نهاية عام 1961، فاز بها الدكتور ناظم القدسي، خريج جامعة جنيف ورئيس الوزراء الأسبق.

إشكالية لؤي الأتاسي
كان القدسي أول رئيس حلبي في تاريخ سوريا، ولكن فترة حكمه كانت قصيرة، وقد عطّلت مرتين، الأولى في أعقاب انقلاب فاشل قاده عبد الكريم النحلاوي في مارس 1962. واعتقل الرئيس وأعضاء مجلس النواب والوزراء ورئيسهم، قبل تمرد قائد الجيش على النحلاوي في 1 أبريل 1962. وأطلق سراح القدسي، ثم جاء انقلاب البعث في 8 مارس 1963 ليعتقل مرة ثانية ويجبر على الاستقالة، منهياً آخر عهد ديمقراطي في سوريا. بقي القدسي في السجن لغاية 30 نوفمبر 1963، وفرض قادة الانقلاب الأحكام العرفية، وحظروا كل الصحف والأحزاب السياسية، وأسسوا مجلساً لقيادة "الثورة" على غرار التجربة المصرية سنة 1952، وسموا الفريق لؤي الأتاسي رئيساً له، طبعاً بعد تعطيل الدستور والمجلس النيابي واعتقال معظم السياسيين القدامى وعزلهم مدنياً أو نفيهم خارج البلاد.

لم يكن لؤي الأتاسي رئيساً للجمهورية، ولكنه تمتع بصلاحيات رئاسية محدودة. اليد العليا في سوريا يومها كانت للجنة العسكرية لحزب "البعث"، ولم يكن الأتاسي عضواً فيها لأنه لم يكن بعثياً بالأصل بل وحدوياً ناصرياً.

حاول استعادة الوحدة مع مصر، ولكنه لم يفلح بسبب رفض عبد الناصر التعامل مع البعثيين. وقد استقال لؤي الأتاسي من منصبه بسبب خلافات مع حزب "البعث" ورفضه التوقيع على قرار إعدام بحق رفاقه الناصريين الذين حاولوا الانقلاب على العهد يوم 18 يوليو 1963.

رؤساء البعث
شُكّل بعدها مجلس رئاسي مؤلف من شخصيات عدة، ذهبت رئاسته للفريق محمد أمين حافظ، الرئيس الحلبي الثاني في سوريا بعد ناظم القدسي. في عهد الحافظ جاءت قرارات تأميم جائرة بحق الصناعيين والتجّار، كانت أقسى وأشمل وأكثر ظلماً من قرارات عبد الناصر. ولكن الخلافات الحزبية أطاحت به يوم انقلاب اللواء صلاح جديد عليه وعلى القادة المؤسسين لحزب "البعث" في 23 فبراير 1966.

اعتقل أمين الحافظ في 1 مارس وسمّي الدكتور نور الدين الأتاسي رئيساً للدولة. تخوف صلاح جديد من تولّي الرئاسة بنفسه لكونه من الأقلية العلوية، ولذلك قرر أن يحكم عن طريق الأتاسي المسلم السني وهو من أعرق عائلات سوريا. كان الأتاسي ثالث رئيس من عائلة الأتاسي، وأول مدني يصل إلى الحكم في عهد "البعث"، وأصغر رئيس في تاريخ سوريا.

في عهده كانت حرب يونيو سنة 1967، وفيها احتلت هضبة الجولان. وفي 16 نوفمبر 1970، انقلب عليه وزير الدفاع حافظ الأسد، وأمر باعتقاله مع صلاح جديد. ظلّ جديد سجيناً حتى الممات سنة 1993، ولم يطلق سراح الرئيس نور الدين الأتاسي إلا قبل أسابيع قليلة من وفاته سنة 1992.

وفي الأشهر الأولى من انقلاب الأسد، لم يتسلّم الرئاسة بشكل مباشر واكتفى برئاسة الحكومة، وعيّن المدرس البعثي الدمشقي أحمد الخطيب رئيساً للدولة اعتباراً من 18 نوفمبر 1970. وحكم الأسد من خلاله حتى 22 فبراير 1971، وبعد أن أصبح رئيساً للجمهورية عيّن الخطيب رئيساً لمجلس الشعب، ليكون ثاني رئيس بعد صبحي بركات يتسلّم منصباً سياسياً بعد خروجه من القصر الجمهوري. وحكم الأسد الأب سوريا بقبضة من حديد، وفي عهده أصبح "البعث" "قائداً للدولة والمجتمع" بموجب دستور عام 1973.

الحكم الوراثي
في عهده كانت مجزرة حماة سنة 1982، وهو أول زعيم عربي عمل جدياً على التوريث، ما شجّع معمر القذافي على تهيئة ابنه سيف الإسلام لحكم ليبيا، وحسني مبارك على التفكير بجعل ابنه جمال وريثاً له في مصر، وعديّ صدام حسين خليفة لأبيه في العراق. جميعهم لم يفلحوا إلا حافظ الأسد، الذي حضر ابنه البكر باسل ليكون خليفة له وبعد وفاة الأخير بحادث سير سنة 1994، بدأ التحضير لثاني أبنائه بشار. وعند وفاة حافظ الأسد في 10 يونيو 2000 اجتمع مجلس الشعب فوراً، وعدّل الدستور السوري لأجل بشار الذي لم يكن يحقق شرط الأربعين من العمر ليصبح رئيساً. ورُفّع الأسد الابن إلى رتبة فريق، متجاوزاً كل المراحل العسكرية النظامية في أكبر إهانة لكل الضباط والعسكريين.

إشكالية عبد الحليم خدام
كان من المفرض أن يتسلم عبد الحليم خدام، النائب الأول لرئيس الجمهورية، الحكم بشكل مؤقت بعد وفاة حافظ الأسد ولكن بشار منعه من ذلك. كل القرارات التي وقعها في المرحلة الانتقالية كانت بصفته نائباً للرئيس وليس رئيساً، ويخطئ بعضهم عندما يضعونه في قائمة الرؤساء.

عهد بشار الأسد وسقوطه
تولّى بشار الأسد الحكم في 17 يوليو 2000 وحكم البلاد بالحديد والنار والسجون والمعتقلات. وأجهض ربيع دمشق سنة 2001 وشارك في مقتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري سنة 2005، قبل قمعه للمظاهرات السلمية التي اندلعت في أعقاب الربيع العربي عام 2011. جر البلاد إلى حرب أهلية، وباعها للميليشيات الطائفية الإيرانية، قبل سقوطه المدوي وهروبه إلى موسكو في 8 ديسمبر 2024، منهياً بفراره 61 سنة من حكم "البعث" و54 سنة من حكم عائلة الأسد.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير