روح الروح
إبراهيم أبو حويله ...
تعلق القصة في الأذهان، وما قصة روح الروح الشهيد بإذن الله خالد نبهان إلا مثالا واضحا على ذلك، وهذه الشخصية التي إستطاعت ان تصل إلى قلوب الكثيرين عبر العالم، وربطت العالم بشكل مباشر بتلك المعاناة التي يعيشها الإنسان الفلسطيني على أرضه، وكيف يسعى بكل السبل أن يحيا بسلام وحب، ولكن يد البطش الص ه يونية وراءه بالمرصاد قتلا وتنكيلا وحبسا وحرمانا من كل أسباب الحياة، وحتى قتل أطفاله ونسائه وأحفاده، ومع ذلك إستمر خالد في العطاء والحب برغم كل الألم، هذه القصة تخلق مزاجا مختلفا في العقل الجمعي الدولي والمحلي، ورسالة كهذه تحمل أثرا أكبر بكثير من كل الكلمات والخطب، وتؤثر في العقول والقلوب بشكل أكبر، ولذلك لا بد من التركيز على القصة المرتبطة بالأشخاص والأحداث والألم والفقد والحب إرتباطا مباشرا، فهذه لها دور كبير في نقل جموع كبيرة من البشر من جهة إلى الجهة الأخرى، ولننظر بعين التدقيق إلى ما قام به ال ي ه ود، وكيف إستثمروا قصص الأفران والحرق بتلك الصورة، لتنتقل الأذهان من حالة الكراهية لهذه الفئة إلى حالة من التعاطف والنصرة، برغم حجم الكراهية الموجود في النفوس لهم سابقا، ولذلك لا من التركيز على كل تلك القصص المشابهة لقصة خالد مثل اشقر وشعره كيرلي، وتوظيفها وخلق روايات ورسوم توضيحية وكركاتورية بشكل كبير ومتعدد، وذلك ضروري جدا في المساهمة برفع الظلم عن أهلنا في فلسطين .
ما كنت اخشاه هو التكرار للمشهد بشكل يصبح فيها المشهد أمرا طبيعيا وإن لم يكن طبيعيا، فالعقل يعتاد المشهد، يقول من درس الطب أن اول جثة تشرحها هي أمر لن تنساه أبدا، ثم بعد ذلك مرة تلو مرة يصبح الأمر طبيعيا، هكذا هو العقل البشري مبرمج على البقاء، وإستمرار الحياة مهما كانت الظروف، وإلا كيف إستطاع هؤلاء الصامدون في سجون الأسد الصمود، رغم كل هذا العذاب والإجرام والقتل، وقلة الطعام والرعاية الصحية الإستمرار في حياة ليست بحياة، وهذا ما حدث عبر التاريخ البشري، ويبدو أنه مخزون حياتي في جينات البشر، كما يزعم علماء البيولوجيا ، وهذا ما سعت له العقلية المجرمة في الكيان، نعم هي لم تتوقف عن القيام بالجرائم من حيث النوع ولا الكم، وكانت تستهدف في كل مرة التصعيد المتعمد للعدد والنوع، فهي ترتكب الإبادة الجماعية لشعب أعزل مدني، وتمارس عليه كل أنواع الجرائم التي أتفقت البشرية على أنها جرائم ضد الإنسانية، مع التحفظ على مصطلح الإنسانية عند الغرب، فهو يفرض عليك الإنسانية إذا كنت شرقيا، ومن الممكن أن يشن عليك حربا طاحنة، وينشىء تحالفات دولية للإطاحة بنظام يضطهد الإقليات أو النساء بزعمه، ومع ذلك يغض الطرف عن قيام الكيان بالقتل اليومي للنساء والأطفال والعجزة، ويستهدف منظمات دولية وإغاثية ومدنيين بشكل متعمد، وتحت مرأى من الجميع وبعلم الجميع وتوثيق دولي ومنظمات ووسائل مرئية ومسموعة، ومع ذلك لا يفعل النظام الدولي شيئا.
يسعى قادة الكيان وعلى رأسهم النتن ياهو لخلق صورة نمطية يومية من القتل المبرمج، وضمن هذه البرمجة يصبح العقل المحلي عنده وعند جنوده مبرمجا على تقبل هذا الحدث بشكل يومي، وحتى شبه المواطن في الكيان، لأن هذا المواطن هو محتل في الحقيقة، وأن زعم ما يزعم فهو يعلم تماما بأنه يعيش في أرض ليست له، وفي وطن ليس له، هذا المواطن تمت برمجته على أن تتقبل هذا الأمر بشكل يومي دون الشعور بالذنب نيتجة ما تقوم به جماعة هو منتسب لها، ويصبح هذا المستوى من الإجرام مقبولا بالنسبة له وإن كان فيه بقية من إنسانية، وحتى إن البعض قد يشعر بأن هناك أمر ناقص في حال عدم حدوثه، وفي نفس الوقت يصبح هذا الإجرام مقبولا بالنسبة للفئة الأخرى التي يقع عليها الحدث، وهنا لا أقول مقبولا بمعنى الرضى، ولكن ان حدوثه لا يستوجب ردة فعل قوية او إضافية تناسب مع هذا الإجرام، فهذا الأمر يحدث يوميا، وكذلك الأمر بالنسبة للساسة في العالم وحتى في الدول العربية والمسلمة، وحتى المجتمع الدولي يصبح هذا الأمر مقبول من حيث الحدث المجرد المتكرر يوميا، ولأن تكراره بهذه الصورة خلق هذا الشعور. ما إستطاع الكيان فعله للإسف هو إعادة برمجة العالم كله لتقبل هذا المستوى من الإجرام، وعدم التحرك لنصرة هذه الفئة التي يقع عليها هذا الفعل الإجرامي المتكرر.
هل علق العالم في سردية النتن ياهو وجماعته المجرمة يبدو ذلك، وإستطاعت هذه الفئة المارقة والمتمردة على الأخلاق والقوانين الدولية والإنسانية وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، القيام بما تقوم به دون رادع او خوف من عقوبة أو حتى ردة فعل تتناسب مع حجم الإجرام الذي تقوم به، في الظاهر نعم هذا ما يحدث، ويبدو أنه سيستمر في ذلك لحين أن يجد ذلك الرادع القادرعلى إيقافه وإيقاف إجرامه هو وهذه الثلة المجرمة معه.
وهنا يجب رفع مستوى الضغط الذي يمارسه الفرد العادي، او المواطن في الدول المسلمة وفي الغرب على القيادات السياسية، وخلق نوع من الإزعاج المستمر على هذه الفئة، حتى تستمرعلى مستوى من ردة الفعل الذي من الممكن أن يساهم في إيقاف هذا الظلم، وهذه تشمل مظاهرات وإعتصامات وخطابات ورسائل إحتاج وتنديد إلى كل السفارات، سواء المنخرطة بشكل مباشر في هذه الجرائم مثل الولايات المتحدة ومن معها، وحتى تلك التي تتسم بإعتدال في موقفها من هذا الصراع، لإستفزازها للقيام بردة فعل مناسبة تجاه هذا المستوى من الإجرام هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن يساهم كل واحد منّا بنشر هذه المعاناة على أوسع نطاق، حتى يشعر الجميع بحجم هذه المعاناة المستمرة منذ بدأ إحتلال الكيان لهذه الأرض إلى اليوم.
كل واحد منّا يستطيع القيام بشيء عبر هذا الفضاء لينصر هذه الفئة المظلومة، ويستطيع التبرع بشيء، ويستطيع نشر شيء، حتى تبقى هذه المعاناة وكأنها معاناة اليوم الأول، وهذا القتل كأنه قتل اليوم الأول، وهذا المستوى لن يكون مقبولا مهما كان مدى تكراره، وهذا الإجرام إجرام يفوق كل شيء، ويجب أن لا نقبل به كما يريد النتن وجماعته فرضه بهذه الطريقة والإستمرار به، يجب أن ترفضه وتستمر في رفضه إلى أن يرفع الله هذا الظلم عن هذه الفئة.
وما أقدار الله ببعيدة عن الظالمين، ونحن نرى مصارعهم وقدرة الله عليهم .