الجولاني ورقة محروقة في لعبة السياسة الدولية؟
عبدالرحمن خلدون شديفات
في خضم الصراع السوري المستمر، تبرز شخصية أحمد الشرع المعروف بـ "الجولاني" كأحد اللاعبين الرئيسيين في المشهد المعقد. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمثل الجولاني زعيماً مستقلاً يسعى لتحقيق أهداف وطنية، أم أنه مجرد أداة تستخدمها القوى الدولية لتحقيق مصالحها الخاصة؟
برز الجولاني كقائد لجبهة النصرة، الذراع السوري لتنظيم القاعدة، ومنذ ذلك الحين، أصبح له تأثير كبير على مجريات الأحداث في شمال غرب سوريا. ومع ذلك، فإن تحركاته الأخيرة تشير إلى تحول ملحوظ في استراتيجيته. فقد بدأ في تبني خطاب يتحدث عن التآخي والتعاون مع مختلف الفصائل، مما يجعله يبدو كزعيم يسعى لتحقيق وحدة الصف السوري. ولكن هل هذا التحول يعكس نوايا حقيقية أم أنه مجرد تكتيك؟
مع ذلك، تظهر تحولات جديدة في موقف الجولاني، حيث يبدو أنه يسعى لتوقيع اتفاقيات تحالف مع الكيان الإسرائيلي. هذه الخطوة تعكس مرحلة جديدة من كشف الوجوه والأدوار، حيث يعلن الجولاني جهاراً عن مصالح مشتركة مع الدول الغربية، مما يجعله جاهزاً للجلوس على طاولة المفاوضات بعد أن أظهر ولاءه لهذه الدول.
تسعى القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا، إلى تحقيق مصالحها في سوريا، وقد تجد في الجولاني وسيلة لتحقيق أهدافها. فبينما يسعى الجولاني لتعزيز سلطته ونفوذه، قد يستخدمه اللاعبون الدوليون كأداة للضغط على خصومهم أو لتعزيز استراتيجياتهم العسكرية. هذه الديناميكية تثير تساؤلات حول مدى استقلالية الجولاني وقدرته على اتخاذ قراراته بعيداً عن التأثيرات الخارجية.
التاريخ مليء بالأمثلة على الشخصيات السياسية التي تم استخدامها ثم التخلي عنها عندما لم تعد تلبي احتياجات القوى الكبرى. فهل سيظل لاعباً رئيسياً أم سيتحول إلى ورقة محروقة في لعبة السياسة الدولية؟ إن حالة التناقض التي يعيشها الجولاني وفصيله تعكس التعقيدات السياسية في المشهد السوري، وتطرح تساؤلات حول مستقبل المعارضة وعلاقتها بالجهات الخارجية.