الطاولة ستنقلب على الجميع.. والشعوب "الخاسر الأكبر"
قال الخبير العسكري محمد المغاربة، إنه بات واضحًا للعيان كيف تغيّر موقف النظام العربي وإعلامه، حيث تحوّلا فجأة لدعم إيران وميليشياتها الطائفية، لتتقدم في ساحة المعركة السورية، وكأنّ الغاية هي الفوز "بنهائي" يُقام على أرض قصر الأسد.
وكشف المغاربة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية عن تناقضٍ صارخ، وتحولٍ مفاجئ، فكيف تسارعت التصريحات والتلميحات والتغطيات الإعلامية لتشدّ على أيدي إيران، وتحثها على التدخل بأقصى قوتها؟، في وقتٍ اتهمت إيران بركوب موجة القضية الفلسطينية، وأنها منبع الشر والهيمنة الطائفية.
وبيّن المغاربة أن هذا الانكشاف يعكس مدى العجز وقلة الحيلة وربما "محاولة التذاكي"، التي يمارسها النظام العربي اليوم فيما يجري في سوريا، إذ أصبحت إيران "المنقذ" الذي يجب أن يدعم نظام الأسد بأي وسيلة، مهما بلغت وحشيتها، ودون اعتبار لتحشيد الميليشيات والأسلحة الطائفية لمواجهة المعارضة السورية، حتى لو تطلب الأمر استخدام أسلحة متطرفة مثل الصواريخ الفرط صوتية.
بالأمس القريب، كانت إيران محور الشر الذي يحتل العواصم العربية ويستغل القضية الفلسطينية لتحقيق مآربه، أما اليوم، فقد أُلبست رداء الحليف المذهبي المتسامح، وكأنها رفيق الخندق لمواجهة "عدو مشترك"، ولكن، أليس العدو الأساسي لهذه الأمة هو إسرائيل؟ فلماذا أنكر النظام العربي على إيران مقاومتها لإسرائيل بالأمس، بينما يشرعن حربها ضد الشعب السوري الآن؟، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر المغاربة أن ما يجري ليس إلا لعبة سياسية بدائية، مكشوفة الأهداف، يديرها من يستفيد منها في النهاية، والغريب أن إيران نفسها تدرك هذه اللعبة جيدًا، وترتاب من هذا "الغزل المفاجئ"، فهي تعرف أن وراء هذا الدعم أفخاخًا عديدة، قد تصل إلى جرائم تُجهز لها قرارات دولية تحت الفصل السابع، بهدف إحكام السيطرة على سوريا عبر أدوات سياسية جديدة تتماشى مع أجندة التطبيع.
ونوّه إلى أن إيران تُدرك أن العرب يرمونها في مواجهة استنزافية مع تركيا، خصمهم الآخر، وتعلم أيضًا أن أي خروج لها بعد هذه المعركة لن يكون خروجًا مشرّفًا، بل سيُعدّ اندحارًا، ليس من سوريا فحسب، بل ربما من العراق أيضًا، تحت غطاء دولي وشرعية أممية.
وأشار المغاربة إلى أن إيران تدرك أن نظام الأسد أصبح عبئًا ثقيلًا، وأن صراعاته الداخلية باتت تؤرق حتى داعميه، وخاصة بعد حرب لبنان. ولم تعد تكلفة الحفاظ عليه مبررة، لا لإيران ولا لروسيا، التي قد ترى في التخلص منه خطوة استراتيجية.
وتابع: لكن، إذا ما طُردت إيران من سوريا، فهل يكون ذلك مقدمة لإقصاء روسيا أيضًا؟، هذا التساؤل يفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة تُظهر أن المخططات التي تديرها الأنظمة العربية ليست سوى أدوات في يد قوى أكبر، تهدف لإعادة ترتيب المشهد بما يخدم مصالحها.
السؤال الأهم كما جاء على لسان المغاربة هو: هل ما يجري اليوم هو استباق محسوب من تركيا وإيران وروسيا، لإجهاض ما يُدبَّر من قبل النظام العربي وحلفائه؟، أم أن هذه الأطراف وقعت في فخ الاستنزاف؟، مضيفًا أنه إذا لم تكن العمليات العسكرية للمعارضة السورية جزءًا من خطة استباقية، فإن على هذه الأطراف أن تُعيد حساباتها سريعًا قبل أن تفقد السيطرة على أحجار الرحى التي يديرها النظام العربي بمهارة هواة.
واستطرد المغاربة قائلًا إن ما نشهده اليوم ليس سوى مشهد متناقض ومربك في السياسة الإقليمية، حيث تتقاطع المصالح وتتصادم الأجندات. وفي نهاية المطاف، يبدو أن الخاسر الأكبر سيكون الشعوب التي تدفع ثمن هذه الحسابات الضيقة.