"اتفاق لبنان" في الصحافة الإيرانية... فرصة لـ"حزب الله" لالتقاط أنفاسه

{title}
أخبار الأردن -

 

نشرت الصحافة الإيرانية تحليلات ومقابلات عديدة مع المراقبين والخبراء في البلاد حول اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل الذي دخل حيز التنفيذ صباح الأربعاء (27 نوفمبر/تشرين الثاني)، واتفقت غالبية الآراء على أن هذا الاتفاق هو انتصار لـ"حزب الله". ولم يغب عن هذه الآراء التذكير بـ"الدور الفاعل" لإيران في التوصل إلى هذا الاتفاق، مع الإشارة إلى نجاح "حزب الله"، في "تنظيم قواته بعد الزيارات المتتالية للمسؤولين الإيرانيين" إلى بيروت، وهو ما يحيل إلى ما قيل عن إدارة طهران لـ"حزب" بعد اغتيال أمينه العام حسن نصرالله.

واللافت أيضا أن ثمة آراء إيرانية تؤشر إلى احتمال هجوم إسرائيل على الجماعات المسلحة في العراق، مع السؤال عما إذا كان ينبغي على إيران التدخل إلى جانب هذه الجماعات خصوصا مع توقع دور للولايات المتحدة في هذا الهجوم. لكن من الواضح بمجرد طرح السؤال أن هناك عدم رغبة إيرانية في التدخل في هذه المواجهة المحتملة. وفي المحصلة فإن الغالب في الآراء الواردة في الصحافة الإيرانية أن طهران تتجه إلى سياسات مرنة، إقليميا، في المرحلة المقبلة.

وفي هذا الصدد قال عضو مجلس صيانة الدستور ومجلس خبراء القيادة، آية الله عباس كعبي، لوكالة "تسنيم" للأنباء (التابعة لـ"الحرس الثوري") والتي قدمته على أنه من الحلقة المقربة لقيادات "حزب الله": "لقد تمكن (حزب الله) من فرض شروطه لوقف إطلاق النار على إسرائيل. هذا الاتفاق انتصار عظيم للغاية لجبهة المقاومة و(حزب الله)".

واعتبر كعبي أن "إسرائيل لن تتمكن من تحقيق أي هدف من الأهداف المعلنة لها قبل بداية الحرب، بل وأصبحت في وضع حرج للغاية، فعملية إزالة الأنقاض كانت تقتصر في السابق على منطقة الجليل، غير أنها توسعت خلال الحرب لتشمل حيفا وصفد".

واعتبر أنه بناء على مفاد الاتفاق فإن "حزب الله سيبقى مسلحا ومستعدا لتوجيه ضربات مميتة لإسرائيل في حال انتهاك الأخيرة الاتفاق الذي يعتبر فشلا ذريعا لها"، مشيرا إلى أن "المناطق الشمالية لإسرائيل ستصبح تحت صواريخ حزب الله في حال ارتكبت تل أبيب خطأ ولو بسيطا".

ورأى أن إسرائيل لم تنجح في إخراج "حزب الله" من جنوب لبنان، و"ستكون يده على الزناد وسيكون على أهبة الاستعداد في جنوب لبنان"، لافتا إلى أن "العلاقة بين (حزب الله) وغزة لن تنقطع، ويجب أن يكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة أيضا".

كما حاورت "تسنيم" القائد الأسبق لـ"فيلق القدس"، العميد أحمد وحيدي، الذي اعتبر أن اتفاق وقف النار في لبنان "انتصار لـ(حزب الله) وفشل ذريع لإسرائيل"، مشيرا إلى أن "(حزب الله) في الوقت الحاضر في حالة اليقظة والجهوزية التامة ليرد على إسرائيل في حال ارتكبت أي خطأ".
وردا على سؤال عما إذا أرسلت الولايات المتحدة قد أرسلت رسالة إلى إيران مفادها أن اتفاق وقف النار في لبنان مقدمة لاتفاق وقف النار في غزة، قال: "لا يمكنني تأكيد وجود مثل هذه الرسالة، ولكن الأميركيين قالوا إنهم سيتابعون قضية وقف إطلاق النار في غزة بعد تنفيذه في لبنان".
وأجرت وكالة "إيسنا" الطلابية للأنباء حوارا مع خبير شؤون المنطقة حسن هاني زادة، بعنوان "اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل: هل يتخلى نتنياهو عن مغامراته؟". واعتبر هاني زاده أن "السياسات الهجومية لنتنياهو تشير إلى أن التزام رئيس وزراء إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار لفترة طويلة مستبعد، وقد نشهد قيامه بمزيد من المغامرات ليس فقط في لبنان وغزة، بل على مستوى المنطقة".

وأشار هاني زاده إلى أن "الاتفاق يشكل فرصة لـ(حزب الله) لالتقاط أنفاسه وترميم صفوفه وإكمال استعداداته لحرب كبرى حسب ما يقوله الإسرائيليون".
وقال: "يشكل وقف إطلاق النار في لبنان نجاحا كبيرا لمحور المقاومة، ولكن إسرائيل قد تفتح جبهة أخرى في المنطقة وقد تركز اهتمامها في المرحلة القادمة على العراق، غير أن المقاومة أثبتت أنها جاهزة للمواجهة".
وأضاف: "سياسة ترمب إنهاء الحروب في المنطقة على غرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا والحرب بين (حماس) والكيان الصهيوني، غير أنه يبدو أن إدارة بايدن تسعى لسحب هذه الأوراق الرابحة من ترمب قبل دخوله إلى البيت الأبيض".
ورأى هاني زاده أنّ "حزب الله تلقى ضربات سياسية وأمنية، وبالتالي فإنه بحاجة لترميم صفوفه والتقاط أنفاسه".
وحول الدور الإيراني في اتفاق إطلاق النار في لبنان، اعتبر عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني أبو الفضل ظهره وند، في حوار مع وكالة "إيلنا" العمالية للأنباء: "لقد لعبنا دورا فاعلا في دعم الشعب والحكومة في لبنان. لقد نجحت المقاومة في تنظيم قواتها بعد الزيارات المتتالية (للمسؤولين الإيرانيين) وفي القيام بعمليات فاعلة".

ونشرت صحيفة "شرق" تقريرا بعنوان "نظرة تحليلية إلى احتمال هجوم إسرائيل على العراق"، في عددها الصادر في 26 نوفمبر. وأشار التقرير إلى "تحذير المسؤولين العراقيين بشأن تهديدات إسرائيل حول استهداف العراق بهدف مواجهة الجماعات المسلحة، حيث أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن خطة إسرائيل في العراق تشمل استهداف البنى التحتية والمنشآت التابعة للجماعات الموالية لإيران ومن ثم تنفيذ سلسلة من الاغتيالات بحق قياداتها كما هو الحال في سوريا". 
وتساءلت "شرق": "هل يتم جر العراق إلى حرب شاملة والأهم من ذلك هل ستتدخل طهران لدعم الجماعات (الموالية لها) في العراق في حال استهدافها من قبل إسرائيل؟". 
وأجرت "شرق" حوارا مع السفير الأسبق لإيران في ماليزيا واليونان قاسم محب علي، الذي قال: "يبدو أن إسرائيل بعد عمليات طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تبنت استراتيجية الرد الحازم على كل الجماعات والدول التي تريد مواجهتها بشكل مباشر أو غير مباشر".
وأضاف: "هذا ما رأيناه خلال نحو عام أو أكثر حيث إن إسرائيل تحارب في جبهات حرب مباشرة في غزة ولبنان وهجمات في الضفة الغربية وسوريا واليمن والعراق وحتى إيران، فليس مستبعدا أن تقوم في المرحلة المقبلة بفتح جبهة مواجهة مباشرة مع العراق لأن التوقعات كانت تشير إلى أن أولوية إسرائيل هي غزة ثم لبنان ثم قد يكون العراق وبعده اليمن، كما أن المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران لم ينزع فتيلها بعد".

ويرى محب علي أن "الولايات المتحدة ستدخل بالتأكيد الحرب إلى جانب إسرائيل في حال شنت الأخيرة حربا على الجماعات المسلحة العراقية"، وقال: "الأهم أن طهران ينبغي عليها أن تحسبها جيدا وتسأل نفسها هل التدخل في حرب بين الجماعات المسلحة في العراق من جهة وإسرائيل وأميركا من جهة أخرى في مصلحتها أم لا؟".
وتابعت "شرق": "لقد قامت إسرائيل بسلسلة من الاغتيالات على غرار إسماعيل هنية والسيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين وآخرين كما أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن وضع آية الله السيستاني (المرجع الشيعي في العراق) في قائمة الاغتيالات الإسرائيلية. لماذا السيستاني؟ يرى بعض المحللين أن نتنياهو يسعى من خلال مواصلة مسلسل الاغتيالات وحتى القيام باغتيال شخصية بارزة على غرار آية الله السيستاني لاستفزاز العراقيين وجر العراق إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل".
لكنها رأت أن "حكومة رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني لا ترغب بتاتا في مواجهة مع إسرائيل وتحاول تبني الدبلوماسية لاحتواء إسرائيل".
وحول احتمال تدخل إيران لدعم الجماعات المسلحة في العراق في حال استهدافها من قبل إسرائيل يرى محب علي أنه "لا يمكن الجزم بأن إيران ترغب أو تستطيع دعم الجماعات المسلحة العراقية في حال دخولها في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل لأن الحرب في العراق لن تقتصر على إسرائيل بل ستجر الولايات المتحدة أيضا إليها".
ويرى جلال خوش جهره، في مقال بعنوان "اتفاق وقف إطلاق النار ومستقبل المنطقة وإيران"، في موقع "رويداد 24" أن "اتفاق وقف إطلاق النار مهم، غير أن استمراريته خلال الأيام الستين القادمة أكثر أهمية".

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير