المنح في موازنة 2025
سلامة الدرعاوي
ما زالت المنح الخارجية تؤدي دورًا رئيسا في تحقيق الاستقرار المالي ودعم الاقتصاد الوطني، وهي مؤشر مهم على دلالة استمرارية العلاقات القوية بين المملكة والمانحين والدول الصديقة.
كان واضحًا الثبات النسبي للمساعدات الخارجية التي تأتي مباشرة للموازنة خلال السنوات الماضية، فهي متقاربة في أحجامها الكلية خلال السنوات الخمس الماضية.
العام الحالي الذي قارب على الانتهاء كان واضحًا أن فرضيات موازنة 2024 لم تتحقق أبدًا باستثناء بند واحد، وهو بند المنح الذي جاء مخالفًا للتوقعات بشكل إيجابي، بمعنى أنها كانت لصالح الخزينة؛ حيث توقعت الحكومة أن تحصل على ما مجموعه 724 مليون دينار، إلا أن الفعلي الذي تحقق هو 739 مليون دينار، بزيادة بلغت نحو 15 مليون دينار.
أما في مشروع قانون موازنة 2025، فإن الحكومة افترضت أن تحصل موازنتها على منح خارجية، أي مساعدات غير مستردة وليس عليها أي فوائد، بقيمة 734 مليون دينار، وهي تشكل بذلك ما نسبته 1.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتشكل أيضًا ما نسبته 5.9 % من تغطية إجمالي النفقات، وهي أقل مما كانت عليه هذه النسبة في التغطية للعام الحالي الذي تحقق فعليًا، حيث بلغت حدود 6.3 %.
هيكل المنح الخارجية في مشروع قانون موازنة 2025 يظهر بشكل جلي استمرار الولايات المتحدة الأميركية كأكبر المانحين ومقدمي المساعدات للمملكة، حيث تقدم 600 مليون دينار دعمًا مباشرًا للخزينة، يليها الاتحاد الأوروبي بـ58 مليون دينار، ثم 48 مليون دينار موزعة بين صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وأخيرًا باقي مخصصات المنحة الخليجية التي انتهت قبل سنوات بقيمة 28 مليون دينار.
هذه المنح لها أهمية كبيرة للموازنة العامة؛ لأنها تسهم في تخفيف عجز الموازنة العامة من خلال توفير مصادر تمويل إضافية دون الحاجة إلى الاقتراض، مما يقلل من أعباء الدين العام، وتُستخدم غالبًا في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مثل التعليم، الصحة، المياه، والطاقة.
المنح تساعد الحكومة على مواجهة التحديات المالية الناتجة عن الظروف الاقتصادية أو الأزمات الإقليمية، كما تعمل على تخفيف الضغط على الإيرادات المحلية، وتقلل الحاجة لزيادة الضرائب أو الرسوم التي قد تؤثر على المواطنين والقطاع الخاص، مما يعزز النمو الاقتصادي.
لكن علينا أن نعترف بأن التحديات المرتبطة بالاعتماد على المنح متعددة ومتشعبة في آن واحد، فهي ليست دائمة وقد تتأثر بالعوامل السياسية والاقتصادية للدول المانحة. كما أن الاعتماد المفرط عليها قد يُضعف من قدرة الحكومة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
لذلك، تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن بين الاعتماد على المنح وتنويع مصادر الدخل المحلي من خلال إصلاحات اقتصادية وهيكلية.