قراءة أردنية لما يحدث في سوريا

{title}
أخبار الأردن -

 

محمد الزواهرة

ما يحدث في سوريا اليوم يعكس صراعًا معقدًا بين القوى الدولية والإقليمية، حيث تسعى كل من روسيا، الولايات المتحدة، وتركيا إلى إعادة رسم المشهد السياسي والجغرافي في البلاد لتحقيق مصالحها الاستراتيجية. الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، تركز على إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا وكسر أذرعها العسكرية والاقتصادية التي تمتد عبر المنطقة، بينما تستغل روسيا الموقف لتعزيز وجودها أكثر كلاعب رئيسي وحاسم في الشرق الأوسط قبل وصول ترمب للبيت الأبيض. في المقابل، تسعى تركيا إلى تحقيق أهدافها المتعلقة بالأمن القومي، خاصة في مواجهة التمدد الكردي قرب حدودها الجنوبية وأطماعها في التمدد الإقليمي على حساب الجغرافيا السورية.

هذه التحركات، التي تهدف في جوهرها إلى إنهاء النفوذ الإيراني وإعادة توازن القوى في سوريا، تمهد إما لإعادة صياغة تحالفات جديدة أو لدفع النظام السوري نحو تقديم تنازلات تخدم مصالح الأطراف المتصارعة. وفي كل الأحوال، يبقى الشعب السوري هو الضحية الأكبر لهذه التحولات، مع استمراره في دفع ثمن معاناة لا تنتهي.

أما بالنسبة للأردن، فإن تصاعد هذه الديناميكيات يفرض تحديات مباشرة، خاصة مع تهديد الميليشيات والجماعات المسلحة التي قد تسعى لاستغلال الفراغ أو الانفلات الأمني على حدودنا الشمالية والشرقية. ومع ذلك، فإن الجيش العربي الأردني يتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع مثل هذه الأزمات، والدولة الأردنية لديها القدرة على قراءة المشهد الإقليمي والدولي بوعي وعمق، كما أثبتت مراراً قدرتها على التحرك بذكاء استباقي لحماية أمنها الوطني.

إرسال الملك وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى دمشق قبل شهر جاء في توقيت بالغ الدقة، ويعكس قراءة مبكرة للمشهد المتغير في سوريا، حيث أدرك الأردن أهمية الانخراط مباشرة مع النظام السوري لضمان تحييد أي تهديدات محتملة والحفاظ على استقرار المنطقة. هذه الخطوة الاستراتيجية تؤكد حكمة الأردن وحنكته في التعامل مع التعقيدات الإقليمية، مما يعزز موقعه كطرف مؤثر قادر على حماية مصالحه وسط هذه التحولات.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير