الحالة الخشبية

{title}
أخبار الأردن -

 

إبراهيم أبو حويله...

هل فقدنا الفاعلية، أمر على ذلك الضوء المكسور في تلك الزاوية المظلمة من البيت، دون حتى أن افكر في البحث في درج القطع الكهربائية هل لدي مصباح أخر لأقوم بتبديله، وحتى ان لم يكن موجودا اشترى واحدا جديدا، وذلك الصنوبر الذي يملأ الليل أنينه نقطة بعد نقطة، يا هذا أنا أنزف فهلا قمت بواجبك، قد يكون الأمر مجرد شدّة صغيرة، او جلدة أو حتى صنوبر جديد هل هي مشكلة كبيرة.. لا، هل حقا المشكلة هي المشكلة أم انا المشكلة، في كثير من القضايا كما قال لي والد زوجتى رحمه الله التفكير في الأمر يا بني أكثر صعوبة من القيام به.

ألتفت ثم أمضى فالأمر لا يعنيني، ولكن إذا فتح النقاش عن اصلاح مشكلة الكهرباء في الوطن، أو الهدر في إستخدام الماء، فستجد أني أشارك بجلسة كاملة عن الأسباب والسبل والطرق المؤدية إلى إصلاح المشكلة، رغم أن المشكلة كان من الممكن أن لا تكون موجودة لو أصلحت الصنوبر.

هذا ما يطلق عليه صاحب كتاب صناعة التفاهة الذي اثارني عنوانه مصطلح اللغة الخشبية، وهي ببساطة تحويل العمل إلى ظاهرة خشبية، تستدعي عدم القيام بالأمر، فنحن نتكلم في مصطلحات كبيرة من قبيل إرتفاع اسعار الكهرباء، والهدر المائي والعجز المائي وازمة الغذاء وقلة الوظائف واعتمادنا على الإستيراد في كل شيء من الإلبسة إلى الجهاز إلى المركبة، ولكن هل من الممكن أن اقوم بشيء ما.. لا، هناك أرض لم تزرع، ومشروع لم يرى النور بسبب وسبب فهل أنا السبب..لا، قد اعطيك مائة سبب، ولكن لسبب ما لم يفتح هذا المشروع، ولم يستفد احد من تلك الفكرة التي ما زالت في رأسي لم تر النور.

وهناك عنصر مهم يجب الإشارة إليه هنا وهي تتعلق بالتشخيص للحالة الراهنة التي تعيشها الشعوب، وحتى الفئة المثقفة وصاحبة القرار، وهي تتناول الموضوعات بطريقة عرض منطقية نعم من قبل البعض تجدها غاية في الوضوح، دون الخوض في تلك التفاصيل التي تساهم في حل المشكلة، أو التطرق لكيفية الحل او التحكم بها، ونغرق في المشكلة دون إيجاد طرق لحلها، فتسمع تنظيرا وصوتا عاليا من الجميع، ولكن لا احد يقوم إلى هذا الصنوبر ويحاول، ومن يجرؤ على المحاولة سيسمع الف توجيه ونصيحة، فيعود إلى مكانه وما زال الصنوبر كما هو.

هنا يحدث إغراق بعرض مجموعة كبيرة من الحلول، دون تحديد مدى مناسبة أو فاعلية هذه الحلول، وما هو الأنسب للخروج من المشكلة، ويبدو أننا في عالمنا العربي غارقون هنا، ونعجز كأشخاص وتعجز مؤسساتنا، والكفاءات فيها عن الخروج بالحلول المناسبة لهذه المشكلة أو تلك.

فنحن نعاني ازمات اقتصادية واجتماعية وسياسية، ونعاني من نقص الفعالية، أو التوافق على الحلول المناسبة، من أصحاب الخبرة والاختصاص. وأصبحت اشبه بظاهرة خطيرة تحتاج إلى وقفة جادة، نحن نغرق في التنظير ولا نخرج بحلول .

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير