معنى أن نرفض الذل.

{title}
أخبار الأردن -

  احمد ابو خليل

كلماتي هنا عن الناس، ومن زاوية نظر الناس، أي على المستوى الشعبي.

تنتقل إلينا عبر الشاشات أخبار تبدو حاسمة في لبنان وغزة. وفي حالة حصول اتجاه جديد في مجريات الحرب، سوف يسرع الجميع نحو الصورة النهائية التي ستبقى في الأذهان عن كل ما جرى. ولكل طرف صورته الخاصة لما جرى، بل لكل منا صورته الخاصة أيضا.

العدو منشغل كثيرا وسوف ينشغل كثيرا بهذه الصورة لأسباب بعضها داخلي لا يهمنا نحن كثيرا، ولكنه منشغل كذلك بالصورة التي سنحملها نحن في الطرف المقابل له.

إن معركة العدو ككل بالأساس هي معنا كـ"ناس" وشعوب، ذلك أنه منذ عقود طويلة لم تعد لديه مشكلة حقيقية مع الحكام والأنظمة عموما.

بالنسبة للناس العرب؛ رغم مرور أكثر من 75 عاما على الحرب الأولى مع العدو عام 1948، إلا أننا لا نزال، على مستوى الأفراد والجماعات، نشعر بإهانة النكبة وذلها، وهو شعور في العمق. إننا في الواقع نجد أنفسنا عند كل حدث شخصي أو عام، سياسي أو اقتصادي أو ثقافي، واقعين تحت تأثير ذلك الذل.

لاحظوا الغصة التي ترافقنا عند كل إنجاز كبير أو صغير، شخصي أو وطني. إذ بالكاد نحاول أن نتناسى أننا واقعون تحت مظلة ذل كبرى، عنوانها وجود عدو يحتل قلب وطننا أو عالمنا العربي، القلب بالذات جغرافيا ووجدانيا. وعبثا جربت شعوبنا تجاوز ذلك، ولكنها لم تستطع.

منذ اليوم الأول لهذه الحرب، ظهرت أنها معركة كبرى ضد الذل. بدأها مقاومو غزة، ومنذ اليوم الأول انتصر لهم مقاومو لبنان، وهم أساتذة في مواجهة الذل. ثم انتصر لهم إخوتهم في ساحات أخرى.

لكن جبهة عالمية لمكافحي الذل قامت في العالم كله. وقد وصلت إلى قلب أمريكا وأوروبا فضلا عن باقي شعوب العالم الذين يشبهوننا. لقد شعر جميع هؤلاء أن غزة ولبنان تتقدم هذه المعركة العالمية. لقد طالعت اليوم تقريرا عن مشروع ثقافي أمريكي طويل المدى من إعداد مئات الخبراء يهدف للتصدي لفكرة الانتصار لفلسطين في المجتمع الأمريكي التي يرون انها تشكل خطرا ثقافيا هناك.

اليوم لا يجوز لنا، ومهما كانت مسارات الأحداث الحالية في ساحتي غزة ولبنان، أن نسمح بأن تشوه صورة هذه المعركة بصفتها حربنا ضد الذل.

نحن الناس، ليس مطلوبا منا أن نتحول إلى وزراء خارجية نراعي الظروف والمعطيات والعلاقات الدولية وخلافه، وليس مطلوبا منا أن نتحول إلى مفاوضين نخضع لموازين القوى، بل وليس مطلوبا منا ان نتحول إلى محللين وخبراء نتقن التحليل ونضع التوقعات... أبدا.

سوف يسعى العدو وأنصاره من حاملي روايته ومروجيها بيننا، إلى الشروع باعتداءات نفسية وحرب معنوية تستهدف الوجدان والمعنى عندنا كشعوب.

نحن الناس، من حقنا أن نخوض معركتنا بعواطفنا ومشاعرنا ووجداننا، أما ممثلونا المقاتلون في ميادين المواجهة والقتال، فقد زودونا بذخيرة هائلة من رفض الذل وصون الكرامة.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير