شتاء غزة.. ألم جديد!!
نيفين عبد الهادي
لم تعد تعنيهم فصول السنة، باتت كلها بذات التفاصيل المناخية، فحرب إسرائيل عليهم انتزعت منهم كلّ ما هو طبيعي للبشرية، لكن يبقى لفصل الشتاء خصوصية عليهم، في ظل أن أحدا من أهلنا في غزة لم يعد يسكن بيوتا، حتى الخيام مقتصرة على جزء بسيط منهم، فيما يقضي الآلاف منهم حياته على طرقات مدمّرة، ليأتي فصل الشتاء بظروف قاسية ينتزع الخيام، ويجرف البشر والحجر.
فصل الشتاء في غزة عنوان كبير لوجع وآلام تحكي قصة شعب يواجه حربا هي الأقسى بتاريخ البشرية، تسقط الأمطار ويتحرك معها بحر غزة، ليُضاف إلى حياتهم مزيد من الظروف القاسية، والدمار، والخسائر البشرية والمادية، وسط صرخات الأطفال ونداءاتهم بأن يجدوا من ينقذهم من الغرق بوحل أرضهم ووحل معنوي جاوز كل معاني الضرر الجسدي والنفسي والمعنوي، ليحيا أهلنا في غزة مزيدا من الألم والجوع والأمراض والخسائر!!!
يأتيهم الشتاء ببرده وأمطاره، منتزعا نموذج خيمة، تاركا مَن تحتها في البرد والجوع والمرض، باحثين عن الدفء، بل باحثين عن أطراف حياة، عن جزء من حياة، داعين الله أن يخفف عنهم هذه الأيام التي تزيد من آلامهم، والأهم آلام أطفالهم الذين جرّدتهم الحرب من كل شيء له علاقة بالطفولة، لم يعودوا أطفالا، وإن لم تتجاوز أعمارهم العام، أو أقل، يعيشون ظروفا جوية ونفسية وصحية لا يُمكن لأحد تحمّلها، فما بالك إذا كان طفلا لم يتجاوز الأشهر من عمره، فهو شتاء غزة، الذي يضيف آلاما جديدة للأهل في غزة.
تزداد المساعدات الإنسانية والإغاثية كمّا ونوعا واحتياجا في أيام الشتاء، يحتاج أهلنا في غزة كل شيء، لا يوجد مطلقا ما لا يحتاجونه، فكل شيء يصنّف في إطار الضروري، فيجدون دوما الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني معهم بهذا الشأن، إذ يسعى الأردن لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والصحية والغذائية على الدوام، بسعي حقيقي لعدم انقطاع هذه المساعدات وإيجاد كافة الوسائل الممكنة بكل ما أوتي من عزيمة لعدم توقّف المساعدات واستمراريتها بوسائل متعددة، وعبر إجراءات عملية حقيقية تضمن أن يعيش الغزيون لحظة حياة، حين يجدون طعاما أو كوب ماء نظيفا، أو علاجا لأمراضهم، ما يجعل من الحضور الأردني في الشارع الغزي ضرورة وبارقة أمل لهم بأنهم ليسوا وحيدين وهناك نشامى يمدون لهم سواعدهم لتقديم ما استطاعوا إليه سبيلا.
ويبقى لهذه الأيام وقع قاسٍ على أهلنا في غزة، فما الشتاء للأهل في غزة سوى ألم جديد، يحتاج من يعينهم ويقف معهم بمساعدات طارئة وطائلة، وهم يرون الأردن عظيما بهذا المجال، ويجاهرون باستغاثاتهم لمن يحذو حذو الأردن، ومن يسارع بتقديم العون لهم، فظروف الشتاء مختلفة وتحتاج مساعدات دائمة توفّر لهم دفئا، وعونا، وتمنع عنهم قساوة ظروف من برد ومطر وغرق لخيامهم إن وجدت، يحتاجون مساعدة تعينهم لتحمّل أزمة الشتاء الذي يضيف أزمة جديدة، الذي يهدد حياة أكثر من مليون نازح وضعتهم الحرب في خيام أو مراكز إيواء.
يعيشون في خيام، هي بالكاد هيكل خيمة، كونها مهترئة بالية، ناهيك عن النقص الحاد في الأغطية والألبسة الشتوية، وقد ألحق المنخفض الحالي أضرارا جسيمة بخيام اللاجئين مما تسبب بغرق عدد كبير منها، ويزداد خطر المنخفض عندما تقترب الخيام من شاطئ البحر حيث تتعرض للغرق بسبب وصول الأمواج لها، وغيرها من ظروف أقل ما توصف به أنها قاسية وخطيرة، ما يفرض ضرورة وجود تحرّك على مستوى دولي لإنقاذ غزة من كل ما تشهده من كوارث تفرضها حرب إسرائيل على القطاع التي تجاوزت العام.