توتر وتسخين.. أسباب تجرؤ البعض على الدولة الأردنية

{title}
أخبار الأردن -

 

قال أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور بدر الماضي، إن البعض حاول منذ السابع من أكتوبر استثمار الاحتجاجات المتواصلة بالقرب من السفارة الإسرائيلية لمنحها طابعًا رمزيًا، مع العلم بأن الجميع يدرك تمامًا أن تلك السفارة فارغة من أي تمثيل دبلوماسي لدولة الاحتلال.

وأوضح الماضي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن استمرار هذه الاحتجاجات، كان مدفوعًا بمشاركة شرائح اجتماعية لم تكن يومًا معنية بالشأن السياسي، ومن طبقات لم يكن لها حضور يُذكر في الساحة السياسية العامة، مضيفًا أن هذا التحول غير المسبوق أفرز حالة من الجرأة غير المعتادة على الدولة الأردنية ومواقفها الرسمية، ما أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه التحركات.

ونوّه الماضي إلى أن هذا التوظيف الاحتجاجي والتشكيك الممنهج في المواقف الوطنية للدولة الأردنية حمّلها عبئًا يفوق قدرتها، رغم الجهود الهائلة التي بذلتها على المستويات الدبلوماسية والسياسية والإنسانية، فقد حرص الأردن، انطلاقًا من ثوابته القومية والإنسانية، على تبني مواقف متزنة تراعي أبعاد القضية الفلسطينية، مع الحفاظ على سيادة الدولة واستقرارها الداخلي، إلا أن استمرارية هذه التحركات الاحتجاجية، التي تجاوزت حدود التعبير السلمي إلى مسارات أكثر تصعيدًا، خلقت مناخًا من التوتر والاضطراب في المشهد العام، وألقت بظلال من الشك حول نوايا بعض المشاركين.

وقد زادت خطورة الموقف حين ارتفعت أصوات تدعو بشكل غير مباشر إلى ما يمكن وصفه بالانتحار الجماعي لمكونات الدولة ومؤسساتها، تحت شعار دعم المقاومة، ولم تتوقف هذه الأصوات عند هذا الحد، بل عملت على تقويض الثقة بالأجهزة الأمنية والعسكرية، عبر تصويرها في خطاب متطرف على أنها خصم للشعب ومشروعه التحرري، بدلًا من كونها الحصن المنيع أمام التهديدات الخارجية، وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي، وفقًأ لما صرّح به الماضي لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وفي خضم هذه التطورات، أشار إلى ظهور جانب آخر لا يقل خطورة، تمثل في استغلال بعض الأفراد الذين تورطوا في جرائم أو سلوكيات غير أخلاقية للقضايا المقدسة كوسيلة لتبرير أفعالهم وتطهير أنفسهم من تبعات ماضيهم، فهؤلاء يعتبرون انخراطهم في مثل هذه التحركات بمثابة بوابة لتطهير الذات، ظانين أن المجتمع سينسى خطاياهم وسيعيد النظر فيهم كأبطال يدافعون عن القضايا العادلة والمقدسة، إلا أن هذا المنظور القاصر يغفل حقيقة أن العدالة والمقاومة لا تتحققان عبر التشكيك بمؤسسات الدولة أو الانتقام منها، بل من خلال العمل المشترك لدعم المواقف الوطنية المسؤولة التي توازن بين حماية سيادة الدولة وخدمة القضايا القومية الكبرى.

وأكد الماضي أن حالة الفوضى هذه تتطلب قراءة متأنية للواقع، تسعى لفهم أبعاده ومعالجة جذوره، فلا يمكن السماح بتحويل القضايا الوطنية إلى أدوات للتصعيد ضد الدولة أو بوابة لتصفية الحسابات الشخصية، كما أن الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية يتطلب وعيًا مجتمعيًا بمخاطر الانزلاق وراء الخطابات المتطرفة، التي لا تعود بالنفع لا على الوطن ولا على القضية الفلسطينية، بل تخدم أجندات تهدف إلى زعزعة الاستقرار وإضعاف الدولة.

وصرّح بأن الدور الوطني الحقيقي يبقى قائمًا على التكاتف بين الشعب والدولة، والالتزام بخطاب عقلاني متزن يدرك حجم التحديات، ويعمل على التصدي لها بروح المسؤولية، بعيدًا عن أي محاولات للتشكيك أو الاستغلال.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير