المغاربة لـ"أخبار الأردن": سيناريو مرعب للعرب
قال الخبير العسكري المهندس محمد المغاربة، إن مع صعود الترامبية وتلاشي الدفاعات العربية، بات تدمير غزة لا يعدو كونه مكسبًا تكتيكيًا عابرًا، فيما انزلقت لبنان إلى مصيرٍ أسهل وأسرع مما كان يراود مخيلاتهم.
وأوضح المغاربة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن إسرائيل اليوم، بفعل فائض قوتها الجبارة التي عززتها منظومتها الذاتية، وبسبب انهيار التوازن العربي، وبإضافة الصدمة الدراماتيكية التي أحدثها فوز ترامب وانكشاف طاقمه القادم، تجد نفسها وقد انتقلت بمكاسبها مما كان يُعدّ استراتيجيات حاسمة إلى إنجازات تكتيكية لا أكثر، سواء في غزة أو لبنان.
وبيّن المغاربة أن الطموح الإسرائيلي تجاوز هذه الحدود؛ إذ يتهيأ للدخول في المجال الجيوسياسي الأوسع، الذي أصبح مُتاحًا بفضل انحدار الإقليم العربي إلى حالة "غرناطية" عميقة، وبتضافر النفوذ العالمي الأميركي الترامبي مع المشروع الصهيوني العضوي، الذي يُحكم قبضته على مفاصل النظام العالمي.
ونوّه إلى أن إسرائيل نجحت في التموقع على خارطة الجيوبوليتيكا العالمية، منازعة القوى التقليدية الكبرى: أميركا، أوروبا، الصين، وروسيا، مضيفًا أنها تمكنت من إعادة تعريف النفوذ الاستراتيجي؛ فلم يعد يتطلب سيطرةً على مساحات جغرافية مترامية أو كثافةً بشرية هائلة.
عوضًا عن ذلك، طورت إسرائيل نموذجًا قائمًا على النوعية الفائقة، مستثمرة التطور التكنولوجي البالغ، مع الحفاظ على ارتباط مكوناتها الصهيونية حول العالم، دون الحاجة إلى تمركز فيزيائي أو التماس بشري مباشر، ما دامت العقيدة الأيديولوجية الوجودية هي الرابط الذي يضمن التماسك، وفقًا لما صرّح به المغاربة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وعليه، فإن ما كان يُعتقد أنه مكسب استراتيجي في حرب غزة، أصبح الآن مكسبًا تكتيكيًا محدود الأثر، أما في لبنان، فإن الانتصارات التي كانت تُعتبر بعيدة المنال، أصبحت أقرب مما تخيلوا، وضمن ذات النطاق المرحلي الذي وضعهم على خارطة الهيمنة في غزة.
وحذّر المغاربة من أن المشروع الإسرائيلي لا يتوقف هنا، فهو يتطلع إلى اختراق المشهد السعودي، مستهدفًا تجفيف جذوره عقائديًا واقتصاديًا، وتفكيك نسيجه الداخلي، لتحويله إلى كيان مترهل يغرق في أزمات مستدامة: صوملة، لبننة، سودنة، والخطر الأكبر أن الأنظمة العربية تبدو غافلة عن عمق هذا المخطط، فلا أحد يدرك تمامًا أن إسرائيل، مدعومة بيمين الكونغرس الأميركي، لا تنوي المهادنة أو التجمّل، وأن علاقاتها مع العديد من الدول لم تكن سوى مسرحيات زائفة في حفلات مجاملة سياسية.
وأكد أننا مقبلون على مرحلة مفصلية، ستشهد سقوط أصنام كبرى، وتهشم رؤوس تماثيلها، وربما تكون البداية من دمشق، باعتبارها الحلقة الأضعف والأكثر إغراءً، وهناك، سيتم إغلاق ملف حزب الله نهائيًا، وسينفتح الباب أمام سوريا والعراق للغرق في صراع طويل الأمد، يمتد لمائة عام قادمة، تتخلله نزاعات داخلية وانتقامات متبادلة، وفي تلك الأثناء، ستستولي إسرائيل على مساحات أمنية في أسفل الجولان بذريعة تأمين الحدود، لتكرس وجودها الاستراتيجي هناك.
أما مصر، فهي الأخرى ليست في مأمن، وقد تكون هدفًا موازيًا في لحظة سقوط الأسد، ستُثار قضايا الأقباط، وصراعات عشائر سيناء والنوبة، لتُضاف إلى مشهد التفكك، وفي الخلفية، ستلعب الديموغرافيا وصراعات الثروات الباطنية المكتشفة حديثًا دورًا رئيسيًا في تفجير الأوضاع، لتطيل أمد الأزمات الجغرافية والسياسية في المنطقة.
وقال المغاربة إنه في ظل هذا المشهد المعقد، يتبدى المشروع الإسرائيلي بأقسى صوره: كيان يتربص بكل نقطة ضعف عربية، مستغلًا حالة التراخي والهشاشة، ليواصل فرض أجندته دون هوادة.