ترامب والشرق الأوسط
الاستاذ الدكتور محمد مصالحة
بدأت تتزايد المخاوف بشأن كيفية إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع المقبلة. ورغم أن تصريحه المتعلق بإنهاء الحروب في العالم، بما فيها الشرق الأوسط، يمنح شيئًا من التفاؤل الحذر، إلا أن الطريقة التي سينهي بها الحروب في منطقتنا ستعتمد إما على أسس قانونية تعترف بحق تقرير المصير للفلسطينيين، أو على اعتبارات سياسية لا تراعي هذا الحق، وتخضع للضغوط الإسرائيلية ولوبياتها.
في الحالة الأخيرة، قد تتنكر الإدارة الأمريكية الجديدة لحقوق الفلسطينيين، مما يبقي المنطقة وشعوبها في حالة صراعات مستمرة وعدم استقرار. هذه المعادلة الخاسرة، التي استمرت لأكثر من سبعة عقود، أدت إلى تجدد الحروب والصراعات التي امتدت إلى دول المنطقة، وحرمت شعوبها نعمة الاستقرار، بل وتهددت المصالح الأمريكية ذاتها.
وإذا درست الإدارة الأمريكية الجديدة الوضع المتفجر بعقلانية، سعيًا لضمان عدم تجدد الحروب، فإنه سيكون عليها أخذ التصريحات المتطرفة التي تصدر عن وزراء إسرائيليين، مثل سموتريتش، بشأن التوسع على حساب دول المنطقة، على محمل الجد. مثل هذه الدراسة قد ترشد القرارات الأمريكية وتجعلها أكثر توازنًا، خاصة وأن تجربة إدارة بايدن، التي انتهجت سياسات متطرفة تجاه دعم الحكومة الإسرائيلية وتزويدها بمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، ألحقت هزيمة كاسحة ليس فقط بالرئيس ونائبته هاريس وفريقه، بل أيضًا بالحزب الديمقراطي الذي خسر السيطرة على مجلسي الكونغرس لصالح الحزب الجمهوري.
على صعيد آخر، يمكن للعرب، وخصوصًا دول النفط ذات الأرصدة المالية الكبيرة، أن يلعبوا دورًا موحدًا بقيادة المملكة العربية السعودية، للاستفادة من قدراتهم المالية والنفطية. يمكن لهذه القدرات أن تكون أداة للتفاوض السياسي مع إدارة ترامب، الباحثة عن الأموال والطاقة، ليس كوسيلة ضغط كما فعل الملك الراحل فيصل في عام 1973، بل كأداة للمقايضة السياسية التي تضمن للإدارة الجديدة في واشنطن دورًا متوازنًا في الشرق الأوسط.
ذلك لأن استمرار الحروب الراهنة لن يضر فقط دول المنطقة، بل سيمس أيضًا مصالح الشركات والقواعد الأمريكية، كما أن المقاطعات الشعبية للمنتجات الغربية التي ألحقتها الحرب الحالية قد تسببت بخسائر كبيرة لهذه الشركات.
لذا، ينبغي على أمريكا أن تتفادى مزيدًا من العداء العالمي الناتج عن الانتهاكات التي ألحقتها الحرب الراهنة بالقانون الدولي والمبادئ والقيم التي طالما روجت لها دول الغرب على مدى قرن من الزمان.