عضو جمهوري لـ"أخبار الأردن": هذه هي دلالات تعيينات ترامب
قال عضو الحزب الجمهوري الأمريكي، بشار جرار، إن اختيارات الرئيس الأمريكي السابع والأربعين أثارت أصداء واسعة وقوية، محملة بوقعٍ قد يضاعف أثر "التسونامي الأحمر" الذي أحدثه هذا الرئيس بشكل غير مسبوق منذ عهد الراحلين، ثيودور "تيدي" روزفلت الجمهوري المعتدل، ورونالد ريغان، الذي أرسى دعائم اليمين المحافظ.
وأوضح جرار في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ترامب، سيكون أكثر تمسكًا بمواقفه اليمينية وأشد تطرفًا مقارنةً بما كان عليه في أولى خطواته السياسية التي بدأها من بوابة المال والشهرة خلال انتخابات 2016، فبالنسبة لمن تابع حملته الانتخابية الأخيرة عن كثب، يبدو واضحًا أن "الولاء" بات مفهومًا أساسيًا يتجاوز حدود الأجندة السياسية التقليدية ليصبح ركيزة شخصية ومهنية لترامب، في وقتٍ كلفه هذا الولاء ثمنًا سياسيًا واجتماعيًا باهظًا.
ونوّه جرار إلى أن هذا الثمن تمثل في حرمانه من البيت الأبيض لأربع سنوات، وعرّضه للعزل التشريعي مرتين خلال ولايته الأولى بقيادة مجلس النواب آنذاك برئاسة نانسي بيلوسي، بل كاد هذا الثمن يسوقه إلى السجن مدى الحياة، وجعله هدفًا لمحاولتي اغتيال في مناسبتين مختلفتين، إحداهما بولاية بنسلفانيا المتأرجحة، والأخرى في فلوريدا، التي يُرجّح أنها ستبقى على الأرجح معقلًا للجمهوريين خلال العقد المقبل.
وبيّن أن السمة الجامعة بين أعضاء فريقه الذين اختارهم بعناية فائقة، رجالًا ونساءً، فكانت الولاء المطلق والشجاعة في الدفاع عنه وعن رئاسته وأهدافه السياسية، وبالنسبة لترامب، لم يكن هناك ضرورة لفصل قضايا السياسة الداخلية عن الخارجية، بل يرى أن أولوياته محلية بحتة، مبنية على تعزيز الأمن والاقتصاد، بحيث لا يتردد في مواجهة كل ما يعترض طريق هاتين الركيزتين.
وتظهر عدم عشوائية اختياراته في تعيينه لمديرة حملته سوزي وايلز، القيادية الجمهورية التي تؤمن بشعاري "أمريكا أولًا" و"لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا"، ورغم أن بعض هذه التعيينات أثارت استغرابًا وربما انتقادًا خارج الولايات المتحدة، إلا أن معيار ترامب ظل معيارًا أمريكيًا خالصًا يسعى لمهمة محددة، هي إنقاذ البلاد من تبعات ما يراه تغلغل تيار العولمة واليسار المتطرف خلال ما يسميه بـ"ولايات أوباما الثلاث"، والتي أثرت على قيم كالوطن، الأمة، الدولة، الأسرة، والقانون، وفقًا لما صرّح به جرار لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر أن هذا السبب دفع ترامب للتركيز في اختياراته الوزارية على ضمان تنفيذ سياسات إنفاذ القانون وإرساء النظام على أرض الولايات المتحدة، فشكل فريقًا متجانسًا على الصعيدين الدستوري والقانوني، مدركًا أن هذه المهمة تتطلب بناء هيكلية حكومية صلبة، متراصة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
واستطرد جرار قائلًا إن تعيين بعض الشخصيات قد أثار جدلًا واسعاً، خاصة تعيين مايك هاكبي سفيرًا لدى إسرائيل، ومات غيتس وزيرًا للعدل، ما يسلط الضوء على أهميتهما في استراتيجيات ترامب الخارجية والداخلية، ويستدعي مقاربة معمقة لهذين الملفين، وخاصة ما يتعلق بملف الأمن القومي ووزارة الخارجية.
ولا شك أن المشهد الأمريكي الداخلي يستعصي على الفهم بمجرد نقل أو استقراء سرديات النزاع السياسي الداخلي، إذ يبقى البيت الأبيض والكونغرس هما حجر الزاوية في النظام الأمريكي، ويخضعان لمبدأ السيادة الرئاسية التي تمكّن الرئيس، كقائد أعلى للقوات المسلحة، من توجيه مؤسسات الدولة السيادية ضمن حدود صلاحياته، أما عمليات الشد والجذب المرتبطة بتثبيت تعيينات ترامب، فهي مسألة شديدة التعقيد ولا يمكن فهمها من دون فهم الصورة الشاملة، والتي تمثل مفترق طرق لأمريكا.
وأكد جرار أن البلاد تجد نفسها في مرحلة حساسة تطمح فيها إلى عبور هذا المفترق بسلام لتعزيز وجودها على رأس هرم القوى العالمية، والحفاظ على "القرن الأمريكي" كما وعد الرئيس الحالي، جوزيف بايدن، قبل انتهاء ولايته في 20 يناير 2025. والسؤال الأبرز هنا: هل ينجح ترامب في تحويل "الترامبية" إلى ضمانة لاستمرارية الهيمنة الأمريكية، أم أن سياسته قد تؤدي إلى تراجع تأثير الولايات المتحدة وتبني العزلة التي طالما أنكرها هو وأنصاره؟.