كورونا يضيف أكثر من 110 آلاف إلى صفوف البطالة
أصدر بيت العمال للدراسات تقريره بمناسبة يوم العمال العالمي تحت عنوان “ما بعد الأزمة” سلط فيه الضوء على تحديات آثار أزمة الجائحة التي أشار إلى أنها ما زالت تلقي بظلالها على الإقتصاد الوطني وعلى مختلف قطاعات العمل بصورة غير مسبوقة، في ظل التداعيات التي خلفتها على الوظائف والإنتاج، في أصعب أزمة محلية وعالمية يواجهها سوق العمل الأردني، سبقها في السنوات الأخيرة انحسار ملموس في قدرة الإقتصاد الوطني على استحداث فرص العمل، لتصل معدلات البطالة إلى مستويات قياسية في نهاية عام 2021 حيث بلغت (24.1%) والتي تمثل 435 ألف متعطل، بعد أن كان عددهم 324 ألفا في نهاية 2019، وهي النسبة الأسوأ في تاريخ المملكة، فاقت المعدلات التي سادت ما بعد الأزمة المالية التي شهدها الأردن في ثمانينيات القرن المنصرم، في وقت ما زال فيه معدل المشاركة الإقتصادية من أخفض المستويات عالميا حيث بلغ مع نهاية عام 2021 فقط 34% ممن هم في سن العمل، أي أن 66% من الأردنيين قي سن العمل لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، وبعضهم توقف عن البحث عن عمل وهم ما يسمون بفئة المحبطين.
وبين التقرير أن الأزمة قد كشفت النقاب عن هشاشة عانى منها سوق العمل، وعن الإفتقار إلى متطلبات الحماية الإجتماعية للعديد من فئات العمال، خاصة العاملين في القطاع غير المنظم الذين يمثلون 48% من مجموع العاملين في المملكة، وأنه قد ظهر جليا خلال الأزمة مدى تعرض هذه الفئة لخطر فقدان الدخل اللازم لمعيشتهم وأسرهم، في ظل المؤشرات التي تؤكد بأن هذه الفئة بدأت في التوسع خلال الجائحة على حساب القطاع المنظم نتيجة فقدان الآلاف من وظائفهم، الأمر الذي يتطلب تبني منظومة من القواعد التي تدعم بشكل أفضل الفئات الأكثر ضعفا وتحقق الحماية اللازمة لهم، سواء من حيث شمولهم بالتأمينات الإجتماعية أو بالحمايات القانونية الأخرى في تشريعات العمل بشكل خاص، ووضع سياسات فعالة تنتشلهم من ظروفهم الصعبة أسوة بغيرهم من العاملين كخطوة أولى نحو تشجيع انتقالهم من الإقتصاد غير المنظم إلى الإقتصاد المنظم.
وأشار التقرير إلى أن التصدي لهذه الأزمة يستدعي أن نرقى في التعامل مع آثار الجائحة على سوق العمل إلى مستوى مواجهة الإتساع الذي طرأ في شريحة المتعطلين عن العمل في ظل الخيارات المحدودة المتاحة، وانحسار إمكانيات تحقيق ارتفاع كاف في نمو الناتج المحلي، خاصة بعد أن تسببت الجائحة خلال العام الماضي في إضافة ما يقرب من 110 ألاف متعطل جديد عن العمل إلى معدل البطالة الذي كان مرتفعا بصورة غير مسبوقة قبل الجائحة، وزادت فيه نسبة المتعطلين الذين زادت مدة تعطلهم على 12 شهر لتصبح 49.5% من المتعطلين، وهو ما يمثل أكثر من 241 ألف متعطل، منهم 185 ألف متعطل لم يسبق له العمل نهائيا، وهو ما يؤشر إلى خطورة نوعية في سمات المتعطلين، في وقت ما زالت نسب البطالة بين فئة الشباب من أعمار 24 عاما فأقل هي الأعلى حيث بلغت مع نهاية 2021 نسبة (54.1%).
وشدد تقرير بيت العمال على أن المرحلة القادمة تتطلب العمل على تعزيز قدرات شبكات الأمان الإجتماعي وزيادة مخصصاتها وتوجيهها لمختلف الفئات الضعيفة من المواطنين ومختلف الأسر منخفضة الدخل، وكذلك الإستمرار في تقديم المساعدات النقدية والعينية العاجلة لهم، وزيادة قيمة الإعانات، وتوسيع الفئات المستفيدة منها، وتوسعة الشمول بالتأمين الصحي لكل من لا يحظى بتأمين رسمي أو خاص، وتخفيض قيمة الإشتراك في الضمان الإجتماعي، والتوسع في توفير الدعم اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للحفاظ على ديمومة عملها وحماية فرص العمل التي توفرها، ومن ذلك إعادة جدولة استحقاق القروض لفترة زمنية تتناسب مع المدة المتوقعة للأزمة، والتوسع في الإعفاءات والتسهيلات والقروض المخصصة لها، وكذلك استحداث البرامج التي تسهم في زيادة القدرة الشرائية للمواطن وإعفاء السلع الأساسية التي يحتاجها من الضريبة بهدف إنعاش الحركة الإقتصادية.
وفي ظل توقعات عدم قدرة سوق العمل الأردني على استيعاب الأعداد الهائلة من الداخلين الجدد الذين يقدر عددهم سنويا بأكثر من 100 ألف وبشكل خاص الجامعيين منهم، أشار التقرير إلى أنه قد آن الأوان للعمل بجد على إصلاح السياسات التعليمية للحد من زيادة معدلات البطالة بين فئة الجامعيين، والتوجه نحو تأهيل العمالة التقنية والفنية التي يفتقد إليها سوق العمل في كثير من القطاعات، وتفعيل التنسيق اللازم مع القطاع الخاص لرصد احتياجاته الحقيقية من التخصصات ومن البرامج التي تنسجم مع المتطلبات الفنية لأعماله، ووضع استراتيجيات وطنية شاملة تجمع بين السياسات والبرامج التعليمية من جهة، وسياسات وبرامج التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني من جهة أخرى، وهي إجراءات سوف تحد من العوامل التي تسهم في تقليص الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل، والحد من حالات فقدان الوظائف التي تنذر بآثار سلبية على الأمن الإجتماعي.
وبين التقرير بأن المرأة العاملة كانت خلال الجائحة أكثر عرضة من غيرها للصعوبات والإنتهاكات وفقدان الوظائف، في ظل إنخفاض مزمن في نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية، الأمر الذي يتطلب تفعيل تطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بعمل المرأة وحماياتها وحقوقها، والتفاعل بين الحكومة ومنظمات أصحاب العمل لتوفير متطلبات تعزيز وضع المرأة في سوق العمل، وتوسيع الخيارات المهنية لها، واكسابها المهارت والتدريب اللازم، ورفع وعيها بفرص العمل المتاحة، وسياسات الأمان والحماية الاجتماعية، ونشر الوعي بحقوق المرأة العاملة لدى أصحاب العمل، وقواعد المساواة بين الجنسين، وتكافؤ الفرص في إجراءات التعيين والترقية والتدريب، وتفعيل آليات ميسرة ومحفزة لتطبيق أشكال العمل المرن، وتوفير بنية تحتية للعناية الاجتماعية للمرأة العاملة بجودة وكلفة مناسبة (خدمات ومرافق، حضانات، مواصلات...).
وعلى مستوى السياسات الاجتماعية أوصى بيت العمال في تقريره بأن يتم العمل على تطوير سياسات الحد من الفقر، وتحسين الظروف الاجتماعية لأسر الأطفال العاملين وكذلك الأطفال المعرضين للإنخراط في سوق العمل أكثر من أي وقت مضى نتيجة الصعوبات التي يواجهها أرباب أسرهم، في وقت ازدادت فيه نسب عمل الأطفال بشكل ملحوظ خلال العام الماضي حيث توقع أن يكون عدد الأطفال العاملين قد فاق 100 ألف طفل عامل، وأن يتم العمل على دعم الأسر المعرضة للمخاطر الاجتماعية والنفسية وربطها بشبكات الأمان الاجتماعي وتعزيز دور المجتمع المحلي في تحسين ظروف الأسر المعرضة وحماية الأطفال المعرضين، وإعادة تأهيل الأطفال العاملين الذين تعرضوا لمشكلات اجتماعية أو نفسية ودمجهم في المجتمع وحمايتهم من الإساءة أو الإيذاء النفسي والجسدي أو العنف.