القصاص يكتب: تصنيفات الجامعات .. قصة قصيرة

{title}
أخبار الأردن -

 

د. مالك القصاص

كثر الحديث مؤخرا عن تصنيفات الجامعات والتي أصبحت محل اهتمام واسع في الأوساط الأكاديمية وبين الطلاب وأولياء الأمور. ومن اهم اسباب ازدياد الاهتمام بها هو التنافس العالمي، حيث تسعى الجامعات لتحسين مكانتها الدولية لجذب الطلاب المحليين والدوليين، والشراكات البحثية. كما ان الجامعات ذات التصنيفات العالية تحظى بسمعة أفضل، مما يزيد من فرص التوظيف لخريجيها ويجذب المزيد من التمويل.

بصورة عامة، تعتمد معظم التصنيفات الدولية للجامعات على معايير للتقييم تشتمل على جودة التعليم ومخرجات البحث العلمي والسمعة الأكاديمية، وعدد أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على جوائز دولية، ونسبة الأساتذة إلى الطلاب، وعدد الطلاب الدوليين ومدى التنوع الثقافي، والشراكات الدولية والمشاريع البحثية، ومدى رضا الطلاب وأصحاب الأعمال وغيرها من المعايير.

في ذات السياق، هناك جدل كبير حول مدى دقة ومصداقية هذه التصنيفات وخصوصا بعد انسحاب العديد من الجامعات العريقة والمصنفة من أفضل الجامعات من بعض التصنيفات الدولية، مثل جامعة زيورخ السويسرية، واوتريخت الهولندية، ونانجينج ورنمين الصينية. ومن ناحية أخرى، شجبت العديد من جامعات، مثل هارفرد وييل وكاليفورنيا الأمريكية، منهجية عمل التصنيفات العالمية للجامعات.

من اهم أسباب الاعتراض على التصنيفات المنهجية التي تعتمد بشكل كبير على معايير كمية لا تعكس بشكل كامل جودة التعليم والبحث العلمي في الجامعات. فعلى سبيل المثال تعتمد العديد من التصنيفات الدولية على عدد الأوراق المنشورة ونسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس، دون الأخذ بعين الاعتبار تأثيرها أو أهميتها. مما يعني ان التركيز على الإنتاجية السريعة قد يؤثر سلبا على جودة التعليم والبحث العلمي.

كما ان تفاوت المعايير بين التصنيفات وعدم الشفافية بكيفية حساب النقاط وتحديد المراتب يؤدي إلى نتائج متباينة جدًا بين التصنيفات، فعلى سبيل المثال، بعض التصنيفات يركز بشكل كبير على الإنجازات البحثية والجوائز الأكاديمية، بينما تصنيفات اخرى تعطي أهمية كبيرة لاستبيانات السمعة.

بالإضافة الى ذلك، تميل بعض التصنيفات إلى التحيز لصالح الجامعات في مناطق معينة كالدول الغنية (تحيز إقليمي او الجغرافي) مثل أمريكا الشمالية وأوروبا، خصوصا لأن الجامعات في هذه المناطق تتفوق تقليديًا في بعض المعايير (الموارد المادية وتمويل البحث العلمي). كما وتميل لصالح الجامعات الكبيرة، بينما لا تأخذ بعين الاعتبار الجامعات في الدول النامية او الجامعات الصغيرة.

كما ان العديد من التصنيفات تعتمد بشكل كبير على السمعة الأكاديمية والسمعة بين أصحاب العمل، وهو معيار يمكن أن يكون متحيزًا وغير موضوعي. وهذا يعني الجامعات الأكبر أو الأقدم قد تحصل على سمعة أفضل فقط بسبب اسمها أو تاريخها الطويل، بغض النظر عن الجودة الفعلية للتعليم أو البحث في الوقت الحالي.

إذا، كلنا نعلم مدى دقة ومصداقية التصنيفات الدولية، لكن لا أحد يريد قول الحقيقة خوفا من الغضب وخصوصا ان الكثير من الجامعات تعتمد عليها بشكل كبير لتقييم اداءها ولتحسين مكانتها وسمعتها الدولية، وكذلك لتسويق نفسها للطلاب المحليين والدوليين. من المهم أن يتم التعامل مع التصنيفات كأداة مرجعية واحدة فقط ضمن مجموعة من الأدوات الأخرى لتقييم الجامعات، وليس الاعتماد عليها بشكل حصري لاتخاذ قرارات أكاديمية أو تعليمية. كما ان التركيز على جودة البحث العلمي والتدريب العملي وجوده الخريجين اهم بشكل كبير من التركيز على كمية الأبحاث والمنشورات الأكاديمية.


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير