داودية يحذر من مسارات تعيد البلاد إلى الأحكام العرفية
قال عضو مجلس الأعيان محمد داودية، إن تصريحات رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان التي شدد فيها على ثبات الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لأي محاولة لاستنساخ نماذج الفوضى والدمار السائدة في الإقليم إلى الداخل الأردني، تعكس عمق القلق الذي تشعر به الدولة إزاء هذه التطورات المتسارعة في المنطقة.
هذا الموقف، بحسب داودية، يمثل تجسيدًا للرؤية الوطنية الحازمة تجاه التحديات المحيطة، والتي تستهدف استقرار المملكة وأمنها، في وقت تمر فيه المنطقة بأزمات غير مسبوقة تتطلب مواجهة واعية وحكيمة.
وفي مداخلة له خلال برنامج "نبض البلد"، رصدته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أشار داودية إلى أن الحركة الإسلامية أثارت جدلًا واسعًا ببيانها الأخير الذي حمل إيحاءات ضمنية تُشير إلى تصعيدٍ في الخطاب العسكري، وتحريضًا غير مباشر على مواصلة العمليات.
ويرى داودية أن مثل هذه التصريحات، وإن كانت مموهة، تحمل في طياتها رسائل خطيرة تستدعي الوقوف عندها بجدية، خاصة في ظل التصعيد الإقليمي المتزايد الذي يضع المنطقة برمتها على صفيح ساخن.
وتابع داودية قائلاً إن الاحتفالات التي رأيناها مؤخرًا ما هي إلا جزء من استعراض للقوة، وهو استعراض يترافق مع شعور بالزهو داخل الحركة الإسلامية، نتيجة ما حققته من مكاسب في الانتخابات النيابية الأخيرة. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن هذا الزهو قد يكون سطحيًا، إذ لا تزال الحركة تعاني من عدم اكتمال اندماجها الكامل في النسيج المجتمعي والسياسي الأردني. هذا الاندماج غير المكتمل يضعها في مواجهة تحديات داخلية تحول دون أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي الوطني.
وأضاف داودية أن البيانين الصادرين عن حزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين يكشفان عن حالة من التباين الداخلي والصراع بين مراكز القوى المتنافسة داخل الحركة، كما لو أن هناك تياران بارزان؛ أحدهما يتبنى موقفًا يدعو إلى التصعيد والمواجهة، فيما يحاول التيار الآخر إبداء شيء من المرونة، إلا أن هذا التنافس الداخلي يؤدي إلى تعقيد الموقف بشكل أكبر، ويُضعف من تماسك الحركة وقدرتها على اتخاذ موقف موحد.
وأشار داودية إلى أن هذه الانقسامات الداخلية تُعبّر عن حالة من الاعتزاز المبالغ فيه داخل أوساط الحركة، وهو ما يُلقي بظلاله على الواقع السياسي في البلاد، ويُحمل الدولة مسؤوليات جسيمة في كيفية التعامل مع هذا الواقع المعقد. فالحركة الإسلامية، برغم نجاحاتها الانتخابية، لا تزال بعيدة عن تحقيق انسجام تام مع النظام السياسي الأردني، مما يطرح تساؤلات حول مستقبلها في ظل هذه المتغيرات.
وفي ختام حديثه، حذر داودية من مغبة الانجرار نحو مسارات قد تعيد البلاد إلى حقبة الأحكام العرفية، مؤكدًا أن الأردن لا يحتمل العودة إلى الوراء في مشروع الإصلاح والتحديث السياسي الذي تم العمل عليه على مدى سنوات طويلة.
وشدد على أن الحفاظ على الاستقرار الداخلي يتطلب من الجميع التحلي بالحكمة والابتعاد عن أي مسارات قد تؤدي إلى التصعيد، لأن أي انحراف عن هذا النهج سيتسبب في نتائج كارثية على المستويين السياسي والاجتماعي.
وأنهى داودية حديثه بالدعوة إلى ضرورة التعامل مع هذه المرحلة الدقيقة بمنتهى المسؤولية، مع تأكيده على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية وتحصين الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات الخارجية، مشيرًا إلى أن الأردن قد مر بأزمات عديدة في تاريخه، وتمكن دائمًا من تجاوزها بالحكمة والتعاضد الوطني.